«الزراعات البديلة» طريق مصر نحو تقليل الاعتماد على استيراد الحبوب وتعزيز الأمن الغذائي
إعداد: د.شكرية المراكشي
الخبير الدولي في الزراعات البديلة ورئيس مجلس إدارة شركة مصر تونس للتنمية الزراعية
مع زيادة استيراد مصر للقمح، الذرة، والحبوب، يصبح من الضروري البحث عن الزراعات البديلة التي تساهم في تقليل تكلفة الاستيراد وتعزيز الأمن الغذائي الوطني. من المهم التركيز على محاصيل يمكن زراعتها محليا، تكون مناسبة للظروف المناخية المصرية، وذات قيمة اقتصادية عالية.
تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك
في أراضي مصر الجافة التي تتعرض للحرارة الشديدة، نجد القطيفة Amaranth، وهي نبات غني بالبروتين وينمو بسهولة في البيئات القاسية. تقدم القطيفة بديلا مغذيا يمكن استخدامه في الخبز والمخبوزات، مما يتيح توفيرا في واردات الحبوب البروتينية. ولا يمكن أن نغفل عن العدس والفول، وهما من المحاصيل البقولية التي تتكيف مع البيئات القاحلة وتعمل في الوقت ذاته على تحسين خصوبة التربة من خلال تثبيت النيتروجين، مما يساعد في تنمية التربة وزيادة غلتها بشكل مستدام.
تتوجه الزراعة الحديثة أيضا نحو محاصيل اصبحت مشهورة في كل العالم، مثل الكينوا التي تتميز بقيمتها الغذائية المرتفعة وقابليتها للنمو في الأراضي القاحلة، ما يتيح استخدامها في صناعة الأغذية المختلفة ويحد من الاعتماد على استيراد الحبوب. أما الحمص، فهو نبتة غنية بالبروتين وتتحمل الجفاف، ويستخدم على نطاق واسع في الطهي وأحيانا كعلف، ما يعزز من الاكتفاء المحلي.
وفي عالم يزداد اهتماما بالموارد المائية، تأتي الطحالب كمصدر غذائي مستدام غني بالبروتينات والمغذيات، وتتمتع بميزة التكاثر في احواض مغلقة واخرى مفتوحة، مما يفتح المجال أمام صناعة الأعلاف وتحقيق الاكتفاء الغذائي. وفي ظل حاجة مصر لبدائل عن الذرة، تقدم الكسافا (اليوكا) نفسها كخيار مرن يتحمل الظروف الجافة ويعمل كبديل للذرة في تغذية الحيوانات وصناعة الدقيق، ما يساهم في تقليل تكاليف الاستيراد.
وفي مجال الحبوب، يوفر الأرز البديل مثل الأرز الأحمر والأسود تنوعا غذائيا غنيا بالعناصر الغذائية، ويعمل بديلا جزئيا للأرز الأبيض التقليدي، مما يعزز الأمن الغذائي. أما الدخن، فهو من المحاصيل المقاومة للجفاف ويمكن استخدامه في الخبز والأعلاف، مما يجعله مناسبا للبيئات القاسية، فيما تقدم الحنطة السوداء بديلاً آخر يمتاز بقيمته الغذائية العالية واحتياجه القليل للماء، مما يجعلها مثالية للأراضي الفقيرة.
في حين تشتهر القاطونة أو حبوب اللؤلؤ بمقاومتها للجفاف وقدرتها على النمو في الأراضي المالحة، وهي مصدر جيد للألياف والبروتينات وتعتبر بديلا للذرة في الأعلاف.اما الطرطوفة، هي درنة وليست حبة كالبذور التقليدية. على الرغم من مظهرها الغير منتظم وتباين شكلها الخارجي، إلا أن الطرطوفة تحتوي على قيمة غذائية عالية، وتُزرع عادةً في المناطق الجافة حيث تتحمل الظروف المناخية الصعبة. تُعد الطرطوفة مصدرا ممتازا للببوتاسيوم والكالسيوم وبعض العناصر الاخرى المختلفة، وتعتبر بديلا غذائيا يساهم في دعم التنوع الغذائي، خاصةً في البيئات القاسية.
إضافة إلى المحاصيل البديلة مثل الدخن، الحنطة السوداء، القاطونة، الطرطوفة، والشعير، تساهم الشيا في تقليل تكاليف استيراد الحبوب وتعزيز الأمن الغذائي، خاصة في ظل التحديات البيئية والمناخية. تعتبر الشيا خيارا ممتازا نظرا لاحتوائها على مكونات غذائية قيمة، مع قدرتها على تحمل الجفاف واحتياجها القليل للمياه.
بهذه المحاصيل البديلة، يمكن لمصر تعزيز أمنها الغذائي، وتوفير بدائل اقتصادية ومستدامة، وتقليل الاعتماد على واردات الحبوب الأساسية.
كيفية مساهمة بعض الزراعات البديلة في تخفيف الضغط على الميزانية العامة؟
أولاً: الكينوا: هي حبوب ذات قيمة غذائية عالية وغنية بالبروتينات والألياف، وتعتبر مكملا جيدا للقمح. يمكن زراعتها في مناطق مختلفة من مصر بفضل قدرتها على تحمل الظروف القاسية مثل التربة المالحة والجفاف.
الكينوا تُعدّ خيارا مناسبا كمكمل للقمح في مصر نظرا لقدرتها على التكيف مع ظروف بيئية قاسية تجعلها تنمو في أماكن قد لا تكون مناسبة للمحاصيل التقليدية كالأرز أو القمح.
1ـ تحمل التربة المالحة: تتميز الكينوا بقدرتها على النمو في التربة ذات الملوحة العالية، وهي ميزة مهمة لمصر التي تعاني بعض أراضيها من مشاكل التملح، خاصة في المناطق الساحلية والدلتا. حيث يؤدي استخدام هذه الأراضي للكينوا إلى تحويل مساحات قد تكون غير صالحة لزراعة القمح إلى مناطق إنتاج زراعي فعّال.
2ـ القدرة على تحمل الجفاف: الكينوا لها جذور عميقة تساعدها على امتصاص المياه من طبقات أعمق في التربة، ما يجعلها تتحمل الجفاف. هذا يعني أنها لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه مقارنة بمحاصيل أخرى، وبالتالي يمكن زراعتها في المناطق التي تعاني من شح المياه مثل المناطق الصحراوية أو شبه الصحراوية. وهذا يقلل الاعتماد على المياه الجوفية والمياه العذبة التي يمكن توجيهها لمحاصيل أخرى أو للاستهلاك البشري.
3ـ التأقلم مع درجات الحرارة المتقلبة: الكينوا يمكنها أن تنمو في درجات حرارة متنوعة تصل إلى 38 درجة مئوية في النهار وتنخفض إلى حوالي 1 درجة مئوية في الليل، مما يجعلها ملائمة للمناخ المصري المتقلب.
4ـ عائد غذائي مرتفع: الكينوا تحتوي على نسبة عالية من البروتينات الضرورية للصحة العامة، بالإضافة إلى الألياف والمعادن والفيتامينات، مما يجعلها بديلا غذائيا مغذيا. بذلك، تكون الكينوا جزءا من الأنظمة الغذائية اليومية وتوفر مصادر مغذية محلية، مما يقلل من الاعتماد على المنتجات المستوردة لتحسين الأمن الغذائي.
5ـ دورات زراعية قصيرة نسبيا: تحتاج الكينوا حوالي 90 إلى 120 يوما للوصول إلى مرحلة الحصاد، مما يسمح بتكرار زراعتها عدة مرات سنويا في بعض المناطق، وزيادة الإنتاج المحلي.
6ـ الطلب العالمي المتزايد: هناك اهتمام متزايد عالميا ومحليا بالكينوا، ليس فقط كمكمل للقمح ولكن كمصدر غذائي صحي ومتوازن، مما يوفر فرصة للمنتجين المحليين لتسويق هذا المحصول في الداخل أو التصدير للخارج، ما يخلق فرصًا اقتصادية ويوفر دخلا محليا.
لنجاح زراعة الكينوا في مصر بشكل أوسع، سيكون من الضروري توفير دعم من الدولة من خلال تقديم التدريب للمزارعين على تقنيات زراعة الكينوا، وتوفير بذور محسنة، وإجراء أبحاث لزيادة الإنتاجية.
الكينوا تكون مكملا فعّالا للقمح، مما يضيف تنوعا غذائيا ويعزز الأمن الغذائي.
كيف تحقق الكينوا هذا التكامل؟
1ـ غنى الكينوا بالبروتينات والأحماض الأمينية الأساسية: تحتوي الكينوا على جميع الأحماض الأمينية الأساسية، وهو أمر نادر في النباتات، مما يجعلها مصدر بروتين كامل. هذه الخاصية تجعلها مكملا جيدا للقمح، الذي يحتوي على بروتينات لكنه يفتقر لبعض الأحماض الأمينية. استخدام الكينوا بجانب القمح يضيف قيمة غذائية أعلى للأطعمة، خاصة في المنتجات التي تعتمد بشكل رئيسي على القمح مثل الخبز والمعكرونة.
2ـ موازنة مستويات الغلوتين: الكينوا خالية من الغلوتين، في حين أن القمح يحتوي على نسبة عالية منه. إدخال الكينوا كمكون غذائي إلى جانب القمح يقلل من محتوى الغلوتين في النظام الغذائي للأشخاص الذين يعانون من حساسية الغلوتين أو الذين يرغبون في تقليل استهلاكهم له. يمكن استخدام الكينوا في تصنيع خبز خالٍ من الغلوتين أو تخفيف نسبته في منتجات القمح المعتادة.
3ـ تنويع المنتجات: إضافة الكينوا إلى منتجات القمح مثل الدقيق يتيح إنتاج أصناف متنوعة من الخبز والمعكرونة والحبوب الصحية. هذه المنتجات ستكون أغنى بالألياف والبروتينات والفيتامينات والمعادن، مما يجعلها خيارا صحيا للناس، خاصة في البلدان التي يهيمن فيها القمح على الغذاء الأساسي.
4ـ تخفيف الاعتماد على القمح المستورد : مع تزايد احتياجات مصر من القمح المستورد، يمكن للكينوا أن تقلل من هذا الاعتماد، سواء عبر إدخالها كعنصر مكمل في الطحين بنسية 20% أو استخدامها في صنع أطعمة مشابهة. هذا يساعد على توفير جزء من القمح المستورد، مما يقلل التكلفة على المدى الطويل.
5ـ التوازن في السعرات الحرارية والكربوهيدرات : الكينوا توفر كمية أقل من الكربوهيدرات بالمقارنة مع القمح، لكنها غنية بالبروتينات والألياف. استخدام الكينوا مع القمح يخلق توازنًا غذائيًا، حيث توفر وجبة متكاملة من حيث الطاقة والنشاط دون زيادة في السعرات الحرارية الزائدة.
6ـ دعم التنوع البيئي والزراعي: زراعة الكينوا إلى جانب القمح تعزز التنوع الزراعي، مما يقلل من مخاطر زراعة محصول واحد بشكل مكثف. هذا التنوع يدعم استدامة الزراعة ويجعل النظام الغذائي أقل تأثرًا بتقلبات الأسعار والعوامل البيئية.
يمكن من خلال دمج الكينوا والقمح في النظام الغذائي تحسين جودة الغذاء المتاح، ودعم التنوع الغذائي، والحد من الضغوطات الناتجة عن استيراد القمح بشكل كبير، مما يساهم في تعزيز الأمن الغذائي المستدام.
ثانياً: الدخن: هو محصول غذائي مقاوم للحرارة والجفاف، ويتميز بسرعة نموه وغناه بالعناصر الغذائية، ما يجعله مناسبا للظروف المناخية في مصر ويكون بديلا للذرة.
الدخن يؤدي دورا مهما في تخفيف ضغط الاستيراد في مصر نظرا لخصائصه الزراعية والغذائية الفريدة التي تجعله خيارا مناسبا كمحصول بديل للذرة.
كيف يساهم الدخن في هذا الصدد؟
1ـ التكيف مع الظروف المناخية الصعبة: يتميز الدخن بقدرته على النمو في بيئات حارة وجافة، حيث يتحمل درجات الحرارة العالية ويحتاج إلى كميات قليلة من المياه مقارنةً بالذرة. هذا يعني إمكانية زراعته في مناطق من مصر تعاني من قلة الموارد المائية، مما يقلل من تكلفة الري ويوفر إنتاجًا محليًا يمكن أن يخفف من حاجة استيراد الذرة.
2ـ سريع النمو وقصير دورة الإنتاج: ينمو الدخن بسرعة، وتتراوح دورة حياته بين 60 و90 يوما، مما يسمح بحصاده عدة مرات سنويًا في بعض المناطق. هذه الميزة تعزز من وفرة الإنتاج المحلي، وتقلل الحاجة إلى استيراد الذرة لتلبية الطلب المحلي على الأعلاف والمواد الغذائية.
3ـ غني بالعناصر الغذائية: يحتوي الدخن على نسبة عالية من البروتينات والألياف، إضافة إلى المعادن مثل الحديد والمغنيسيوم. ويمكن استخدامه في تغذية الإنسان والحيوان، ما يساهم في تلبية الاحتياجات الغذائية بكفاءة ويدعم تصنيع منتجات متنوعة تعتمد على الحبوب، مما يقلل من الاعتماد على الذرة في هذا الجانب.
4ـ تكاليف زراعة منخفضة: زراعة الدخن تتطلب موارد مالية أقل من الذرة، سواء من حيث المياه أو الأسمدة. هذا يجعله خيارا اقتصاديا للمزارعين، ويعزز من استدامة الإنتاج المحلي، مما يؤدي إلى تقليل واردات الذرة وتخفيف العبء على الاقتصاد الوطني.
5ـ المرونة في استخدامه كعلف للحيوانات : الدخن يُستخدم كعلف ممتاز للحيوانات بسبب محتواه العالي من الطاقة والبروتين، ويشكل بديلا مناسبا للذرة في صناعة الأعلاف الحيوانية. تعزيز زراعة الدخن يوفر للأعلاف المحلية قاعدة إنتاج قوية، مما يساهم في تقليل واردات الذرة المخصصة للأعلاف.
6ـ تنويع مصادر الأمن الغذائي: الاعتماد على الدخن كمحصول بديل إلى جانب الذرة يساهم في تنويع قاعدة الأمن الغذائي في مصر، حيث يُعدّ تنوع المحاصيل وسيلة لخفض مخاطر تقلبات الأسعار العالمية أو نقص الإمدادات.
لتعزيز دور الدخن في تقليل استيراد الذرة، يكون من الضروري توفير دعم حكومي للمزارعين في شكل تدريب على زراعة الدخن وتطوير أصناف عالية الإنتاجية.
ثالثاً: الشيا: تحتوي بذور الشيا على نسبة عالية من الأحماض الدهنية الأساسية والألياف، وتستخدم في إنتاج الحبوب الغذائية والزيوت الصحية. زراعتها تشكل قيمة مضافة لسوق الحبوب الغذائية وتقلل الاعتماد على الاستيراد.
بذور الشيا تساعد في تقليل الاعتماد على الاستيراد في مصر من خلال تعزيز إنتاج محلي لسلع غذائية عالية القيمة وإضافة تنوع إلى السوق الغذائي.
1ـ غنية بالأحماض الدهنية الأساسية: تحتوي الشيا على نسب عالية من أحماض أوميغا 3 و6 الدهنية، وهي مكونات ضرورية للصحة القلبية والدماغية، لكن غالبا ما يتم استيراد منتجات غنية بهذه الأحماض. إذا تم إنتاج الشيا محليًا، توفر بديلا محليا للزيوت والمكملات الغذائية التي تحتوي على هذه الأحماض، ما يقلل من الحاجة إلى استيراد هذه المنتجات.
2ـ محتواها العالي من الألياف: تحتوي بذور الشيا على نسبة عالية من الألياف، وهي مكون أساسي في الأنظمة الغذائية الصحية، مما يجعلها مفيدة لمنتجات الأغذية الصحية مثل الحبوب المعبأة والخبز والمخبوزات. زراعة الشيا محليا يقلل الاعتماد على استيراد الحبوب الغذائية الأخرى، ويدعم الطلب المحلي على المنتجات الصحية.
3ـ زيادة في منتجات السوق المحلية: إضافة بذور الشيا إلى السوق المحلي من خلال إنتاجها في مصر يساعد في تنويع المنتجات المحلية، مثل زيوت الشيا والمشروبات المغذية والحلويات، مما يقلل من الاعتماد على استيراد المنتجات المماثلة من الخارج. هذا يوفر فرصًا للصناعات المحلية لتطوير منتجات جديدة تلبي الطلب المحلي، ويساهم في تقليل النفقات على الواردات.
4ـ المرونة في الاستخدام الغذائي: الشيا متعددة الاستخدامات؛ يمكن إضافتها إلى العصائر، والخبز، والوجبات الخفيفة، مما يجعلها مكملا غذائيا متعدد الفوائد. هذه المرونة تتيح استخدامها كبديل لمكونات أخرى تُستورد عادة، مما يقلل الاعتماد على استيرادها.
5ـ تحسين الأمن الغذائي: إنتاج بذور الشيا على نطاق واسع يساهم في تحسين الأمن الغذائي العام للبلاد، خاصةً إذا استُخدمت في دعم الأنظمة الغذائية وتحسين جودة الغذاء المتاح. بالإضافة إلى ذلك، بما أن الشيا لا تتطلب كميات كبيرة من الماء، فهي مثالية لمناطق تعاني من شح المياه، مما يعزز الاستدامة ويقلل الحاجة لاستيراد محاصيل مكلفة للبيئة والمياه.
6ـ خلق فرص اقتصادية جديدة: زراعة الشيا توفر فرص عمل جديدة وتتيح تطوير صناعات مرتبطة بمعالجة وتعبئة الشيا محليا، ما يضيف قيمة اقتصادية ويدعم الاقتصاد المحلي.
يمكن للحكومة والمزارعين العمل على دعم هذه الزراعة من خلال توفير بذور الشيا وتطوير البنية التحتية اللازمة لزراعتها وحصادها وتسويقها، مما يساهم في تعزيز الإنتاج المحلي وتخفيف الاعتماد على الاستيراد بشكل مستدام.
رابعاً: الكسافا: يعتبر محصولا نشويا بديلا للقمح في بعض المنتجات، ويتحمل الجفاف وتكاليفه أقل من الذرة أو القمح، ما يجعله خيارا جيدا للزراعة البديلة.
الكسافا تُعدّ بديلا نشويا واعدا للقمح في بعض المنتجات، وقدرتها على تحمل الجفاف وتكاليف زراعتها المنخفضة تجعلها خيارا جيدا كمحصول بديل في مصر.
الكسافا خيار مناسب لدعم الأمن الغذائي وتخفيف الاعتماد على القمح المستورد
1ـ تحمل الجفاف وظروف التربة الصعبة: الكسافا تعتبر من المحاصيل المقاومة للجفاف، حيث تستطيع النمو في مناطق تقل فيها الموارد المائية وفي تربة فقيرة بالمغذيات. هذا يجعلها ملائمة للبيئة المصرية، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في المياه، ويمكنها توفير محصول نشوي مستقر دون الحاجة إلى كمية كبيرة من الري.
2ـ توفير تكاليف الزراعة: زراعة الكسافا تتطلب تكاليف منخفضة مقارنةً بالقمح أو الذرة، حيث تحتاج إلى كميات أقل من الأسمدة والمبيدات، كما أن صيانتها أقل تكلفة. بالإضافة إلى ذلك، تتميز دورة زراعتها الطويلة (من 9 إلى 12 شهرا) بقدرتها على البقاء في الأرض لفترة طويلة حتى تكون جاهزة للحصاد، مما يسهل إدارة الإنتاج.
3ـ استخدامها في المنتجات الغذائية كبديل للقمح: يمكن تحويل الكسافا إلى طحين نشوي يضاف الى دقيق القمح بنسبة 10% في صناعة الخبز، والمعكرونة، والعديد من المخبوزات، مما يجعلها اضافة مناسبا للقمح في كثير من المنتجات. وبالتالي، يمكن استخدام الكسافا في تخفيض نسبة القمح المستوردة لدعم منتجات محلية متنوعة تعتمد على النشويات.
4ـ مصدر جيد للكربوهيدرات والطاقة: تعتبر الكسافا غنية بالكربوهيدرات وتوفر مصدر طاقة عالي، مما يجعلها مفيدة كغذاء أساسي. يمكن استخدامها في الوجبات التقليدية وتدخل في الصناعات الغذائية، مما يدعم توفير أغذية محلية توفر الطاقة وتقلل من الحاجة لاستيراد منتجات نشوية.
5ـ زيادة الإنتاج المحلي وتنويع المحاصيل: زراعة الكسافا إلى جانب القمح والذرة يساهم في تنويع المحاصيل وتقليل الاعتماد على محصول واحد، مما يعزز من الاستدامة الزراعية ويقلل من مخاطر تقلبات الأسعار أو نقص الإمدادات نتيجة للتقلبات المناخية أو الظروف العالمية.
6ـ فرص في صناعات جديدة: يمكن استخدام الكسافا لإنتاج منتجات جديدة، مثل رقائق الكسافا، ومعجون الكسافا الذي يكون مكملا غذائيا أو جزءا من الأطعمة الصحية. هذا يفتح فرصا اقتصادية جديدة ويساهم في تطوير صناعات محلية تعتمد على الكسافا، مما يوفر وظائف ودعما للاقتصاد المحلي.
7ـ إمكانية دعم الأعلاف الحيوانية: يمكن استخدام الكسافا كمكمل غذائي في الأعلاف، مما يوفر مصدرا غذائيا بديلا يدعم قطاع الثروة الحيوانية ويقلل من الضغط على استيراد الذرة أو القمح لتلبية احتياجات الأعلاف.
لنجاح زراعة الكسافا كبديل مستدام، يمكن أن تقدم الحكومة دعما للمزارعين بتوفير المعرفة اللازمة وتقنيات الزراعة المناسبة، وتطوير أسواق لتسويق منتجات الكسافا محليا.
خامساً: الفول السوداني والبقوليات الأخرى: البقوليات بشكل عام، مثل العدس والفول، لها قدرة على تحسين التربة بفضل عملية تثبيت النيتروجين. زراعتها بشكل أكبر يوفر بروتينات محلية ويقلل الاستيراد، خصوصا في صناعة الأغذية والحبوب.
زراعة الفول السوداني والبقوليات الأخرى، مثل العدس والفول، تكون لها فوائد اقتصادية وبيئية عديدة، خاصة فيما يتعلق بتقليل الاعتماد على الاستيراد وتحسين التربة.
1ـ إنتاج بروتين محلي عالي الجودة: تحتوي البقوليات، بما فيها الفول السوداني والعدس والفول، على نسبة عالية من البروتين، مما يجعلها بديلا محليا ممتازا للبروتين النباتي. استخدام هذه المحاصيل في الغذاء البشري وفي تصنيع المنتجات الغذائية يقلل من الحاجة إلى استيراد مصادر بروتين أخرى، خاصةً في صناعة الأغذية، مثل تصنيع المعلبات والأطعمة الجاهزة والحبوب الغذائية، حيث يمكن إضافة العدس أو الفول السوداني كمكونات أساسية توفر قيمة غذائية مرتفعة.
2ـ دعم صناعة الأعلاف: الفول السوداني وغيره من البقوليات يستخدم أيضا في الأعلاف الحيوانية، خاصةً بقايا المحصول أو بذوره، حيث يُعدّ مصدرا غنيا بالبروتين والطاقة. هذا يقلل من الاعتماد على استيراد المواد الخام المستخدمة في الأعلاف، مثل الذرة وفول الصويا، ويدعم إنتاجا محليا مستداما لمواشي وحيوانات الإنتاج.
3ـ تحسين خصوبة التربة: البقوليات تساعد في تثبيت النيتروجين في التربة من خلال عملية تسمى “تثبيت النيتروجين الحيوي”. بفضل هذا التفاعل الطبيعي، يتم إدخال النيتروجين إلى التربة عبر جذور النباتات البقولية، مما يقلل من الحاجة إلى استخدام الأسمدة الكيميائية الباهظة الثمن. زراعة البقوليات بشكل أوسع تُساهم في تحسين خصوبة التربة، مما يزيد من إنتاجية المحاصيل اللاحقة ويقلل من تكلفة الإنتاج على المزارعين.
4ـ تحقيق التنوع الزراعي وتدوير المحاصيل: إدخال البقوليات ضمن دورة الزراعة يُساعد على تنويع المحاصيل، مما يقلل من مخاطر زراعة محصول واحد (مثل القمح أو الذرة) ويعزز استدامة النظام الزراعي. تدوير المحاصيل مع البقوليات يقلل من انتشار الآفات والأمراض الزراعية التي ترتبط بزراعة محصول واحد بشكل مستمر، ما يحسن الإنتاجية الزراعية بشكل عام.
5ـ خفض تكاليف الإنتاج: زراعة البقوليات تُعدّ أقل تكلفة نسبيا من المحاصيل الأخرى، حيث لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الأسمدة النيتروجينية، وبالتالي توفر على المزارعين تكاليف هذه الأسمدة، كما أنها تتكيف بشكل جيد مع الظروف البيئية المختلفة، مما يجعلها محصولا اقتصاديا ومستداما.
6ـ تعزيز الأمن الغذائي وتوفير خيارات صحية: البقوليات هي مصدر غذائي صحي وغني بالبروتينات والألياف والمعادن مثل الحديد والمغنيسيوم، وهي مثالية للوجبات الغذائية المتوازنة. تشجيع استهلاك البقوليات المنتجة محليا يعزز الأمن الغذائي ويقلل الاعتماد على الأغذية المستوردة، ويتيح للناس خيارات صحية واقتصادية.
7ـ دعم الصناعات الغذائية المحلية: يمكن تطوير صناعات غذائية تعتمد على البقوليات، مثل إنتاج الحمص، والفلافل، وزبدة الفول السوداني، وغيرها. تشجيع زراعة البقوليات وتوسيع استخداماتها في الصناعات الغذائية يخلق فرصا اقتصادية جديدة، ويوفر وظائف في عمليات المعالجة والتعبئة والتوزيع، مما ينعكس إيجابيا على الاقتصاد الوطني.
لتحقيق هذه الفوائد، تقوم الحكومة بدعم زراعة البقوليات من خلال توفير الإرشاد الزراعي والبذور عالية الجودة، وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجال معالجة البقوليات، وتحفيز الطلب المحلي على المنتجات القائمة على هذه المحاصيل.
سادساً: الأرز الجاف (الأرز العرقي): هو نوع من الأرز لا يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه مقارنة بالأرز التقليدي، ويمكن زراعته في المناطق التي تعاني من شح المياه.
الأرز الجاف أو “الأرز العرقي” هو نوع من الأرز الذي يتميز بقدرته على النمو دون الحاجة إلى الغمر الكامل بالمياه كما هو الحال في زراعة الأرز التقليدي، مما يجعله خيارا مناسبا للمناطق التي تعاني من شح المياه، كالكثير من المناطق الزراعية في مصر.
مساهمة الأرز الجاف في دعم الأمن الغذائي وتقليل استهلاك الموارد
1ـ انخفاض استهلاك المياه: الأرز الجاف يحتاج إلى مياه أقل بكثير من الأرز التقليدي، إذ يُزرع في تربة رطبة ولكن غير مغمورة بالماء. تعتمد زراعته على الري بالتنقيط أو الري الترددي، ما يسمح بزراعته في مناطق تعاني من نقص المياه، ويوفر كميات هائلة من المياه يمكن استخدامها في زراعة محاصيل أخرى أو في تلبية احتياجات سكان المناطق الزراعية.
2ـ التكيف مع التربة القاحلة: الأرز الجاف يمتاز بقدرته على النمو في ظروف بيئية قاسية، ويُزرع في تربة غير مشبعة بالمياه، مما يجعله مناسبًا للمناطق القاحلة أو ذات التربة التي لا تحتفظ بالماء بشكل جيد. هذا يعني إمكانية استصلاح وزراعة مساحات أوسع من الأراضي التي لا تكون صالحة للزراعة التقليدية للأرز.
3ـ توفير تكاليف الزراعة: زراعة الأرز الجاف تكون أقل تكلفة مقارنة بالأرز التقليدي، حيث لا تتطلب أنظمة الري الغمرية المكلفة أو البنية التحتية المعقدة لتصريف المياه. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج الأرز الجاف إلى كمية أقل من الأسمدة والمبيدات، ما يقلل من تكاليف الإنتاج ويجعلها زراعة مربحة ومجدية اقتصاديًا للمزارعين.
4ـ زيادة الإنتاج المحلي للأرز: زراعة الأرز الجاف تتيح زيادة الإنتاج المحلي من الأرز، مما يقلل من الاعتماد على الاستيراد لسد الاحتياجات المحلية. هذا يعزز الأمن الغذائي، خاصةً في ظل تزايد الطلب على الأرز كجزء أساسي من النظام الغذائي المصري، ويقلل من ضغط الاستيراد الذي يؤثر على الاقتصاد.
5ـ دعم الاستدامة البيئية: توفير المياه في زراعة الأرز الجاف يُعد خيارا مستداما، حيث يقلل من استهلاك المياه الجوفية، ويساهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية على المدى البعيد. بالإضافة إلى ذلك، يقلل الأرز الجاف من مخاطر تملح التربة المرتبطة بالري المفرط ويحد من التأثير البيئي لزراعة الأرز التقليدي.
6ـ تحفيز الابتكار الزراعي: تشجيع زراعة الأرز الجاف يدفع إلى تبني تقنيات زراعية حديثة، مثل الري بالتنقيط وإدارة الموارد بكفاءة، مما يعزز الابتكار ويطور الممارسات الزراعية بشكل عام. كما تكون هذه الممارسات مفيدة لزراعة محاصيل أخرى تعتمد على استخدام المياه بشكل اقتصادي.
لنجاح زراعة الأرز الجاف في مصر، يتطلب الأمر دعما حكوميا عبر توجيه الإرشاد الزراعي، وتقديم حوافز للمزارعين لتبني هذا النوع من الزراعة، وتطوير أصناف محلية مقاومة للظروف المناخية الصعبة.
تطوير هذه الزراعات يتطلب دعما من الحكومة، سواء بتوفير برامج التدريب للمزارعين أو دعمهم للحصول على البذور ومستلزمات الزراعة، بالإضافة إلى تطوير بنية تحتية مناسبة لدعم تسويق المنتجات الزراعية المحلية وترويجها في السوق المصري.
في مصر، تمت تجارب زراعة الحبوب البديلة مثل الكينوا، الدخن، الشيا، والكسافا ، وقد أظهرت هذه المحاصيل قدرة كبيرة على التكيف مع الظروف المناخية الجافة والقاحلة، ما يجعلها خيارا مثاليا في المناطق التي تعاني من نقص في المياه. من خلال زراعتها على مساحات واسعة يمكن تقليل الاعتماد على الحبوب المستوردة، مما يعزز الاكتفاء الذاتي ويساهم في تحسين الإنتاج المحلي.
ورغم الاهتمام المتزايد بها، لا تزال المساحات المزروعة غير كافية لتلبية احتياجات السوق المصري، وتتفاوت من عام لآخر. ومع ذلك، يعتبر الانتشار في بعض الدول العربية مثل السعودية وتونس خطوة إيجابية، حيث يساهم الدعم الحكومي والمجتمعي في تعزيز إنتاج وتسويق الكينوا.
يُتوقع أن تشهد الحبوب البديلة مثل الكينوا والدخن والشيا والكسافا توسعا في الأسواق العربية، خاصة في ظل السياسات الزراعية التي تدعم المحاصيل المستدامة. ورغم التحديات التي تشمل نقص التمويل والمعرفة المحدودة، فإن الفرص المتاحة لهذه المحاصيل كبيرة، خاصة في دول مثل السعودية وتونس، حيث الدعم الحكومي يساهم في تعزيز التسويق وزيادة الطلب.
رغم أن الحبوب البديلة تتمتع بمستقبل واعد في الأسواق العربية والعالمية، إلا أن تحقيق النجاح يتطلب توسعا في المساحات المزروعة، وتحسين الإنتاجية، وتطوير استراتيجيات تسويقية فعالة محليا ودوليا.
في السوق المصري، مع زيادة الوعي بأهمية التنوع الغذائي والأمن الغذائي، يُتوقع أن تتوسع زراعة هذه الحبوب تدريجيا، خاصة إذا توفر دعم حكومي وزراعي. عالميا، يتزايد الطلب على الحبوب البديلة، خاصةً تلك التي تتحمل الظروف القاسية وتحتوي على قيمة غذائية عالية، مما يجعل مصر في وضع جيد للتوسع في هذه الزراعة والتصدير.
في خضم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في مصر، تمثل الزراعات البديلة بصيص أمل نحو تحقيق الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد. ورغم الجهود المبذولة، فإن الإمكانيات الكامنة لهذه المحاصيل تحتاج إلى رؤية استراتيجية شاملة، تجمع بين دعم المزارعين، وتشجيع الاستثمار في الأبحاث الزراعية، وتوسيع الأسواق المحلية والدولية. إن نجاح هذه الزراعات لن يقتصر أثره على تحسين الإنتاج الزراعي فحسب، بل سيمتد ليصبح نموذجا رائدا للتنمية المستدامة، حيث تتضافر الجهود لتحقيق مستقبل غذائي أكثر استقرارا وازدهارا للأجيال القادمة.