رأى

الرقمنة والتغيرات المناخية

أ.د.عبدالمنعم صدقي

بقلم: أ.د.عبدالمنعم صدقي

رئيس بحوث بمعهد الإنتاج الحيواني بمركز البحوث الزراعية

استكمالا لسلسله التحول الرقمي في المجال استكمل اليوم المقاله الثالثه عن الرقمنة والتغيرات المناخية وتوضح دور الرقمنه في الحد من اثار التغيرات المناخية.

يوضح تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بـتغير المناخ لعام 2021 والصادر عن منظمة الأمم المتحدة الحاجة الماسة إلى إجراءات فورية وجذرية لمواجهة تغير المناخ.

التحدي المزدوج في الفترة الحالية هو التخفيف من الآثار الضارة للتغير المناخي ومكافحة الآثار السلبية لجائحة كورونا وانتشارها لتاثيراتها علي الفئات الأكثر ضعفًا والأقل دخلا بالاضافة الي نسب التلوث المرتفعه مما يشكل تحديات استثنائية.

رغم أن جائحة كورونا أثرت بشكل غير مباشر على البيئة لانخفاض النشاط الاقتصادي وبالتالي انخفاض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتحسين جودة الهواء إلا أنه لا يمكن الاعتماد فقط على هذه النتائج بل يجب الحفاظ عليها وتعزيزها من خلال دمج العمل المناخي في استراتيجيات التعافي لخلق بيئة مُستدامة بدون زيادة الملوثات وغازات الاحتباس الحراري وقد دفعت جائحة كورونا العديد من الدول بالفعل لاغتنام الفرصة ووضع السياسات والتدابير اللازمة لخفض انبعاثات الكربون لتحقيق التعافي الأخضر.

الاتحاد الأوروبي في خطته للتعافي (الجيل القادم من الاتحاد الأوروبي) خصص حوالي ثلث إجمالي الإنفاق للعمل المناخي ورغم ذلك فإن الحاجة ملحة لمزيد من الجهود لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ والهدف الثالث عشر من اهداف التنميه المستدامة للامم المتخدة 2030.

إننا بحاجة إلى تقليل مستوى الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي. ويؤكد تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بـتغير المناخ الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2021 ضرورة تضافر الجهود والعمل الجماعي لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية إلى النصف بحلول عام 2030 والوصول إلى معدل الصفر قبل عام 2050. ولكن حتى مع التخفيضات التي تم تحقيقها في عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19 (وهو الانخفاض الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية) إلا أنه من المتوقع ألا يستطيع العالم تحقيق أهدافه السنوية.

تشير خارطة الطريق (الامم المتحدة 2018) إلى أن حلول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يمكن أن تقلل انبعاثات الكربون العالمية بنسبة تصل إلى 15٪ بحلول عام 2030. ستمثل الرقمية والتحول الرقمي للعمليات الصناعية عاملين أساسيين في تمكين هذا التغيير ومن خلال الدعم الذي ستوفره تقنية الجيل الخامس للتحول الرقمي للصناعات وتعزيز القدرة التنافسية المستقبلية للأعمال ومنها في مجال اتصنيع:الغاء المصانع اعتمداها على كابلات الاتصالات وتحولها إلى الشبكة الخلوية تصبح أكثر مرونة وينخفض انتاج النفايات بالاضافة لزيادة انتاجيتها مع تقليل الطاقة المستخدمة بما يقارب 20%.

في مجال الطاقة المتجددة: اشارت بيانات للأمم المتحدة أن 85٪ من إجمالي حجم الطاقة في عام 2050 يجب توليدها من مصادر متجددة ويتحتم علي مشغلي وموزعي الطاقة التحكم في شبكات التوزيعب بتقنيات الجيل الخامس بتوصيل العدادات الذكية بالشبكة واكتشاف الأعطال بشكل استباقي وتلبية الارتفاعات في الطلب التي قد تنشأ من الشحن الجماعي للسيارات الكهربائية كمثال.

في مجال قطاع النقل والمواصلات: يمثل هذا القطاع 21٪ من إجمالي الانبعاثات العالمية وستكون تقنيات الجيل الخامس وتحليلات البيانات جزءًا لا يتجزأ من تشغيل المركبات ذاتية القيادة على نطاق واسع. وستتيح التحكم عن بعد في أساطيل كبيرة من المركبات ذاتية القيادة وتحسين تخطيط الطريق وحركة المرور مع تخفيض التكاليف التشغيلية والبصمة البيئية.

يمكن للحلول الرقمية في المباني مثل أجهزة الاستشعار الذكية وأجهزة التحكم في منظمات الحرارة والإضاءة أن تساعد المستهلكين على استخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة وإطلاق العنان للتغييرات السلوكية ونمط الحياة التي تؤدي إلى استخدام مستدام للطاقة (مصر تواكب ذلك بانشاء المدن الذكيه كمثال العاصمة الادارية وغيرها) لا يمكن الوفاء بالتغيرات المناخية دون تحسين كفاءة بناء الطاقة والطلب عليها و العمل على مستوى المدينة (مدن ذكية) أمر حتمي يمكن بتقنيات جديدة أن توفر المرونة لدعم إزالة الكربون من نظام الطاقة. توفر تقنيات مثل الجيل الخامس وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي فرص عديدة وجديدة لتسريع التحول الرقمي عبر صناعات متعددة.

ما من شك أن ذلك يحتاج لجهود جماعية حيث لا يمكن قيادة المعركة ضد التغير المناخي بصورة منفردةـ ولن نتمكن من تحقيق التغيير المطلوب للوصول إلى مستقبل 1.5 درجة مئوية إلا من خلال استخدام التكنولوجيا والابتكار في جميع قطاعات المجتمع مع إقرار السياسات المناسبة والعمل المناخي بمشاركة مجموعة كبيرة من الأطراف من صناعات ومستثمرين وحكومات وأوساط أكاديمية والمنظمات والمؤسسات الخاصة والمجتمع المدني والافرد.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى