تقارير

«الديدان» تحارب التلوث البيئي

كتب: د.عبدالعليم المنشاوي توصل البحث العلمي في الفترة الاخيرة بأكتشاف أنواعا عديدة من اليرقات (ديدان) التي بإمكانها أكل وهضم البولي إيثيلين، وهو النوع الأكثر شيوعا في البلاستيك. وقد تساعد هذة اليرقات على فهم وكيفية القضاء على هذه المادة والحد من تلوثها للبيئة.

وقال الباحثون إن هذه اليرقات تقوم بإنتاج “كوكتيل” من البكتيريا الهضمية التي تعمل على تحلل البلاستيك. وأضاف الباحثون في جمعية علوم السموم البيئية والكيميائية في أمريكا الشمالية: “لمعرفة المزيد عن هذه العملية، تم تغذية اليرقات من البولي إيثيلين قبل فحص البكتيريا المعوية”.

وأشارت الابحاث التي نشرت في مجلة “Science News” إلى أن اليرقات التي تناولت النخالة والقمح، كانت تهيمن عليها في الغالب “Turicibacter” وهي مجموعة من البكتيريا التي تتواجد عادة في الجهاز الهضمي للحيوانات.

كما أظهرت النتائج أن اليرقات التي أكلت البلاستيك كان لديها مستويات أعلى من بكتيريا “Tepidimonas” و”Pseudomonas” و”Methylobacteriaceae”، ووفقا للدراسة بجامعة تكساس للتكنولوجيا، فإن هذه الأنواع من البكتيريا تساعد على تحلل البلاستيك.

ـ مثال: يرقات ديدان شمع العسل تقوم بتحليل اكياس البلاستيك.

حدث هذا الاكتشاف بالمصادفة، أثناء محاولة أحد النحّالة الهواة إزالة الطفيليات المزعجة من أقراص العسل ووضعها في أكياس بلاستيك ووَجد يرقات ديدان الشمع بأنها استطاعت أكل الأكياس والخروج منها.

قام فريق من جامعة كامبريدج، لإجراء تجربة مؤقتة زمنيّا بالاعتماد على ملاحظاتها. فوضع العلماء كيس تسوق بلاستيكي من أحد مراكز التسوق في المملكة المتحدة أمام حوالي 100 من الديدان الشمعية، وبعد 40 دقيقة بدأت الفتحات بالظهور في الكيس، ولاحظ العلماء بعد 12 ساعة انخفاض 92 ميلي جرام من كتلة البلاستيك.

على الرغم من أن هذا الأمر غير متوقع، لكنه غير مستغرب تماما، إذ أن تكوين الأكياس لا يختلف كثيرا عن شمع العسل مصدر الغذاء الطبيعي للديدان، وقال فريق العمل في بيان صحفي في جامعة كامبريدج «الشمع هو بوليمر، نوع من البلاستيك الطبيعي، ولديه بنية كيميائية لا تختلف عن البولي إيثيلين».

وأثبت الباحثون بالتحليل الطيفي تفتت الروابط الكيميائية في البلاستيك بتأثير تلك اليرقات، ولاحظوا وجود أجزاء بوليمرات أولية تسمى «مونومر» غير مرتبطة مع بعضها، نتَجت عن التحليل العضوي الذي نفذته الديدان حين حوّلت البولي إيثيلين إلى إيثينيل جلايكول. و«في حال وجود أنزيم واحد مسؤول عن هذه العملية، فإن إنتاجه على نطاق واسع باستخدام أساليب التقنية الحيوية يجب أن يكون أمرا قابلا للتحقيق».

يُنتج البشر ما يقرب من 78 مليون طن من البلاستيك نتيجة التعبئة والتغليف في سنة واحدة، ينتهي 32% منها في مياه الكوكب، وهذا يعادل شاحنة قمامة واحدة من البلاستيك في كل دقيقة. واتخذت مدينة دلهي في الهند قرارا بحظر الأكواب والأكياس وأدوات المائدة البلاستيكية، وستحذو فرنسا حذوها ابتداءً من العام 2020. وتغطي حوالي 75% من شواطئ المملكة المتحدة حبيبات بلاستيكية صغيرة تستخدم في تصنيع السلع البلاستيكية الكبيرة، وهذه الحبيبات تضر بالحياة البرية، وتطلق موادا كيميائية سامة، وهي تتحلل ببطء.

وتحتوي محيطات الأرض على 269 ألف طن من البلاستيك، وهذا يعني أن فيها نحو 5.25 تريليون قطعة تدمر النظام البيئي حول العالم، في الحقيقة، يقدر الخبراء أنه بحلول عام 2050 سيصبح البلاستيك في المحيطات أكثر من الأسماك. يُستخدم البولي إيثيلين بشكل خاص في التغليف، وهذا يعني أن معظمه تقريبا ينتهي إلى القمامة. عالميا، يُستخدم حوالي تريلليون كيس بلاستيكي كل عام.

واخيرا، بأكتشاف العلماء لعملية التحليل البيولوجي التي تنفذها ديدان الشمع، يأملون في إيجاد حل متعلق بالتحليل البيولوجي على مستوى صناعي لإدارة نفايات البولي إيثيلين من البيئة.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى