رأى

الحدائق بين الماضي والحاضر ودورها في دعم الدخل الوطني (دراسة حالة حديقة أنطونيادس)

بقلم: د.أماني إسماعيل آدم 

باحث أول مشرف فرع بحوث الزينة وتنسيق الحدائق بأنطونيادس – معهد بحوث البساتين

الحدائق كانت وما زالت تمثل أحد أهم معالم الحضارات الإنسانية عبر العصور، حيث عكست تطور المجتمعات وتقدمها. امتدت أهمية الحدائق من كونها وسيلة للترفيه والجمال إلى أداة فعالة لدعم الاقتصاد الوطني من خلال السياحة، فضلا عن تحسين جودة الحياة وتعزيز البيئة. تعد حديقة أنطونيادس بالإسكندرية نموذجا فريدا يجمع بين التاريخ والتراث والتطور الحديث.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

الحدائق في الماضي والحاضر

الحدائق في الماضي

الحدائق القديمة كانت رمزا للسلطة والثروة، مثل حدائق بابل المعلقة التي اعتبُرت إحدى عجائب الدنيا السبع. في مصر القديمة، زُرعت الحدائق حول المعابد والمنازل الفاخرة بهدف توفير الظلال والجمال، بجانب استخدامها في الطقوس الدينية  في العصور الإسلامية، كانت الحدائق تعكس  مفهوم  جنة الأرض، وتميزت بتصميماتها  الهندسية  والنوافير، كما رأينا في حدائق الأندلس.

 الحدائق في الحاضر

تطور دور الحدائق في العصر الحديث ليشمل الاستدامة البيئية وتعزيز الصحة العامة أصبحت الحدائق العامة وسيلة لتقليل آثار التغيرات المناخية، وتحسين جودة الهواء، وتقليلا للتلوث.

تطورت تقنيات تصميمها لتشمل الاستدامة المائية والطاقة المتجددة. كما تسُتخدم الحدائق في تعزيز السياحة البيئية والثقافية، مما يدعم الاقتصاد الوطني. 

حديقة أنطونيادس.. من التاريخ إلى التطوير الحديث

تاريخ الحديقة

حديقة أنطونيادس تعُد من أقدم الحدائق في مدينة الإسكندرية. يرُجع تاريخ إنشائها إلى العصر البطلمي سنة 300 قبل الميلاد، حيث كانت تسُتخدم كحديقة ملكية.

شهدت الحديقة تطورا ملحوظا في عهد محمد علي باشا الذي أعاد تصميمها لتتناسب مع الطابع  الأوروبي.

في عهد الخديوي اسماعيل عام 1860 تم تطوير الحديقة على يد المصمم الفرنسي “بول ريتشارد”، الذي أضفى عليها لمسات من الطراز الفرنسي.

بعد ذلك، انتقلت ملكيتها إلى الثري اليوناني “جون أنطونيادس”، الذي سُميت الحديقة باسمه لاحقاً، وبعد وفاتة نفذ ابنة وصيته بإهداء القصر والحديقة إلى بلدية الإسكندرية سنة 1918م. تضم الحديقة مجموعة من أندر وأشهر وأعتق الأشجار والنخيل على مستوى العالم.

أبرز الأحداث التاريخية التي جرت في حديقة أنطونيادس

1ـ إبرام معاهدة الجلاء عام 1936 بين الحكومتين المصرية والبريطانية.

2ـ الاجتماع التحضيرى لإنشاء  جامعة الدول العربية عام 1944 واختيار مصر مقرا لها.

3ـ أول اجتماع لجنة أوليمبية فى مصر.

4ـ اول اجتماع للجنة غوث اللاجئين.

5ـ استضافة ملوكًا أثناء إقامتهم فى الإسكندرية، منهم ملوك اليونان وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألبانيا.

6ـ أقامت فيها الأميرة فوزية وزوجها الإمبراطور محمد رضا بهلوى شاه إيران السابق بالقصر فى الشهور الأولى من  الزواج.

ـ قصر انطونيادس 1945م

ـ حدائق انطونيادس 1931م

معالم حديقة أنطونيادس

1ـ قصر أنطونيادس

القصر فى بدايته كان فيلا وسط الحدائق الى أن زاره الخديوى توفيق فأصدر مرسوم عال لتحويله الى قصر. ويتكون القصر من طابقين يشتملان على العديد من الغرف بالإضافة الى البدروم وغرف الخدمات المقامة على سطحه.

في عهد الملك فؤاد خصص الطابق السفلى كصالات للاستقبال.

يضم القصر من الجهة القبلية جناح الأميرات، حيث يمكن مشاهدة تمثال فينوس، أما  الجناح الآخر فهو مخصص لنوم الضيوف.

2ـ مجموعة التماثيل المرمرية

هي مجموعة من التماثيل المرمرية متقن فيها فن النحت، ويصل عددها الى (17 تمثالا من  المرمر الخالص) تمثل أساطير آلهة الإغريق آلهة الجمال فينوس ــ اله الشعر اراتو  ـ سافو. بالإضافة إلى تماثيل تمثل الفصول الأربعة وأسود مصنوعة من المرمر.

التماثيل الرخامية النادرة كاملة الحجم مصممة بأفضل التصاميم للشخصيات الأسطورية والتاريخية الهامة مثل فاسكو دي جاما، كريستوفر كولومبس، وماجلان وهم من أشهر الرحالة فى العالم وأدميرال نلسون.  

3ـ الصوبة الملكية

هي مخصصة للتشجير والشتلات وزرع قصبات الورود وتقع فى الطرف الغربى من حديقة  أنطونيادس وهي كبيرة الحجم مبنية على هيئة جمالون بتصميمه الهندسى، وهو مصنع من الحديد المشغول (الفرفورجيه) والذي يتكون من ثلاثة أجزاء، وجميع  الجوانب والأسقف مكسوة بالزجاج.

طرز تنسيق حديقة أنطونيادس

الطراز العربى الاندلسى، الطراز الهندسى المتناظر، الطراز الرومانى والاغريقى، الطراز  الايطالى، والطراز الطبيعى الذي يحاكي الطبيعة.

اصبحت الحدائق “أنطونيادس والنزهة والورد” تابعة لوزارة الزراعة، حيث يشرف عليها ويديرها معهد بحوث البساتين أحد معاهد مركز البحوث الزراعية، وذلك طبقا للقرار الجمهورى عام ١٩٨٦، وفى حين أن القصر فقط تم منحه لمكتبة الإسكندرية مع الحديقة الأمامية للقصر فى حدود مساحة  فدانين، فقط ليكون مركزا ثقافيا متميزا.

تطوير حديقة أنطونيادس في العصر الحديث

إعادة تطوير حديقة انطونيادس خطوة إيجابية مهمة لحمايتها والحفاظ عليها، حيث جاءت اشارة البدء في اغسطس 2022 بإعادة الحياة  للحديقة لتتحرك الأجهزة التنفيذية المختصة بتطوير الحديقة لاستعادة الصورة القديمة الجميلة لحديقة  أنطونيادس حتى يستمتع بها  أهالى ومواطنو الإسكندرية.

شهدت الحديقة العديد من مشروعات التطوير للحفاظ على معالمها التاريخية وزيادة كفاءتها البيئية. تم ترميم المباني الأثرية بداخلها مثل التماثيل والنوافذ، وإعادة تصميم المسطحات الخضراء لتوفير بيئة مثالية للزوار.

كما تم توظيف تقنيات ري حديثة لتوفير المياه، وتحسين البنية التحتية لاستقبال المزيد من الزوار والسياح.

أعمال التطوير في حديقة أنطونيادس

ـ المبني البحثي والمبنى الاداري بحديقة انطونيادس.

ـ مدخل المشتل.

ـ منطقة المشتل.

ـ حديقة الورد.

ـ حديقة النزهة ومنطقة الالعاب.

ـ ملاعب كرة القدم.

ـ ملاعب البادل.  

ـ ممشى حديقة النزهة.

ـ المسجد.

ـ حديقة النزهة.

ـ البحيرة الصناعية.                

ـ الصوبة الملكية.

ـ حديقة على الطراز الفرعوني والنوافير بانطونيادس

ـ مبني البافيون.

ـ البوابة الرئيسية للحديقة.

أهمية حديقة أنطونيادس للدخل الوطني

تؤدي حديقة أنطونيادس دورا مهما في دعم الاقتصاد الوطني من خلال:

1ـ السياحة الثقافية: باعتبارها مزارا أثريا وتاريخيا يجذب الزوار المحليين والأجانب.

2ـ الإيرادات البيئية: تحسين جودة الهواء وتقليل درجات الحرارة في المنطقة المحيطة ممايعزز جودة الحياة ويشجع على الاستثمارات.

3ـ التوظيف: توفير فرص عمل في مجال الصيانة والإدارة للحدائق والخدمات السياحية.          

تمثل حديقة أنطونيادس رمزا للتواصل بين الماضي والحاضر، حيث تجمع بين عبق الماضي ومتطلبات العصر الحديث. ويظُهر تطويرها كيف يمكن للحدائق أن تكون أكثر من مجرد مساحات خضراء؛ بل مراكز جذب سياحي ومساهمات فعالة في الاقتصاد  الوطني. ويجب أن تستمر الجهود في الحفاظ على هذه الكنوز التاريخية لضمان استدامتها للأجيال القادمة.

*مراجعة المحتوى: د.حنان يوسف – رئيس قسم بحوث الزينة وتتنسيق الحدائق بمعهد بحوث البساتين – مركز البحوث الزراعية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى