رئيس التحرير

الجياع قادمون!

د.أسامة بدير، رئيس تحرير الفلاح اليوم

بقلم: د.أسامة بدير

ظاهرة غريبة على المجتمع المصرى انتشرت هذه الأيام، وهى تدق ناقوس الخطر الداهم ونذير شؤم لما هو قادم، حين ترصد أعيوننا سرقة أبواب المقابر الحديدية، دون أدنى احترام لحرمات الموتى خاصة والمقابر بشكل عام.

الظاهرة أضحت فى مقابر المدن والقرى والكفور والنجوع، وإذا ما دلت فإنها تدل على ما وصل إليه بعض المصريين من الاستهانة بالمصير المحتوم لنا جميعا.

لكن يظل للظاهرة نظرة اجتماعية اقتصادية، ينبغى رصدها بكل شفافية، ألا وهى السؤال الذى يتردد لمن استطاع رصد تلك الظاهرة، لماذا يقوم بعض المصريين بسرقة أبواب المقابر؟

الشاهد، أن الحاجة إلى الطعام والشراب هى الدافع الأساسى لارتكاب هذه الجريمة النكراء، فمن مد يده ليأكل من القمامة بسبب الحرمان والعوز لا يتردد فى التجرء على حرمات الموت.

وما كانت لتحدث مثل هذه المشاهد المؤلمة إلا مع استمرار مسلسل السقوط فى براثن الفقر الذى أنهى على الطبقة المتوسطة فى المجتمع، وزادت نسبة الفقر بين المصريين بشكل مخيف خلال تلك المرحلة الحرجة من عمر الوطن، خاصة إذا ما أخذنا فى الاعتبار أن الحكومات المتعاقبة قررت تقليص برامج الحماية الاجتماعية فى ظل اقتصاد السوق الحر بضغط من صندوق النقد الدولى الذى لا يعرف قاموسه مصطلح “الدعم“.

أيضا للفقر أوجه كثيرة منها، تدنى الدخول والتضخم الذى يلتهم كل تحسن قد يطرأ على دخل المواطن، وتقليص أعداد العمالة سواء الرسمية وغير الرسمية بشكل قانونى وغير قانونى، وتبنى سياسة التقشف وجميع هذه الصور تزيد من أعداد الفقراء فى مصر.

وعرف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الفقر بأنه الوضع الذي لا يستطيع فيه الفرد أو الأسرة توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية، في حين بين البنك الدولي الفقر حول العالم، بالوضعية التي يقل فيها دخل الفرد الواحد عن 600 دولار أمريكي سنويا.

وأكد تقرير رسمي صادر العام الماضي عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن نسبة الفقر المدقع ارتفعت إلى 5,3% سنة 2015، بينما كانت هذه النسبة تبلغ 4,4% سنة 2012، مرجعا ارتفاع عدد الفقراء إلى زيادة أسعار المواد الغذائية وغلاء المعيشة.

وتشير الإحصائيات الصادرة في بيان الجهاز المركزي، إلى ارتفاع نسق نسب الفقر من 25,2% سنة 2011، إلى 26,3% سنة 2013، لتصل 27,8% في 2015، و30% مع نهاية عام 2017.

يقينى أن زيادة أعداد الفقراء أصبحت تمثل خطر كبير على مستقبل وطن بأكمله فى صورة تهديد صريح ومباشر لكل أنساقه الاجتماعية وبنيته الاقتصادية والحضارية الأمر الذى قد يؤدى إلى انفجار اجتماعى يقوده عُصبة من الجياع.

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى