الجار البلطجي!!
بقلم: د.أسامة بدير
دعونا يا سادة نتفق في البداية على عدة قواعد هامة جدا لابد أن ننطلق منها قبل تفاصيل سطور هذا المقال الذي فكرت كثيرا قبل كتابته.. وأخيرا كان قراري بأنه لابد من صياغة مُحكمة لمفرداته أملا في وصول فكرته الأساسية إلى القاريء بأقل عدد من الكلمات وفي أسرع وقت ممكن.
تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك
القاعدة الأولى التي ينبغي الاتفاق عليها ألا وهى أنني أتعمد أن أصف الجار بالبلطجي والتعميم مقصود .. لأن النسبة الكاسحة باتت هي الغالبة في المجتمع، ولذا وجب التعميم.
القاعدة الثانية إنما تتمثل في ضحايا الجار البلطجي الذي لا يراعي دين ولا أخلاق، وهدفه فقط مصلحته الشخصية حتى لو كانت على جثث الآخرين.. وهنا لا فرق بين الجار المواطن والجار الدولة.
القاعدة الثالثة تقول ما دام الأمر كذلك.. فماذا نحن فاعلون.. ما الحل؟ الرضوخ والاستسلام أم المواجهة والمقاومة؟
عزيزي القاريء اسمح لي أن أطوف بك من فوق سماء عالمنا المعاصر، وبالتحديد ستكون نقطة الانطلاق من فوق سماء مصر المحروسة التي سقطت فيها منظومة القيم والأخلاق في شبكة الصرف الصحي وبات ما تعلمه المرء ونشأ عليه منذ عشرات السنين هو والعدم سواء.
كيف ذلك؟! وقد امتلأت أقسام الشرطة بآلاف المحاضر التي تحولت إلى قضايا عجت بها أرفف المحاكم على اختلاف درجاتها ومسمياتها تتنظر الفصل في مشاكل بين الجار وجاره على أسباب تافهة.
كيف ذلك؟! وبات الجار لا يأمن إلى جاره.. تجد كل الشر والحقد والغل والحسد يأتيك من الجار، في أكبر مخالفة لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الذي أوصى بالجار حتى ظن الحاضرون أن الجار سيرث في جاره من شدة وصايا النبي بالجار.
كيف ذلك؟! وتجد الجار اللص يتصنت عليك ويتحسس أهل بيتك طمعا في ابتزازك مستخدما كافة حيل البلطجة والانحطاط.
لقد طفح الكيل من هذه الإشكالية الخطيرة التي أضحت تهدد كيان المجتمع واستقراره واستفحلت ظاهرة الجار البلطجي الذي دائما ما يتحول بألاعبيه وحيله الدنيئة إلى مالك لزمام الأمور في كل حارة وشارع وحى ومدينة بمصر. تجد هذا النموذج الوقح الذي بانتشاره خلال العقدين الآخرين ينذر بصراعات ومعارك طاحنة أوشكت أن تحول المجتمع كله إلى خراب ودمار مادي بعد الانتهاء من التدمير النفسي والاجتماعي، وتجريف شبكة العلاقات الاجتماعية التي تربط أواصر المجتمع ببعضه، حال عدم المواجهة بحزم وحسم للجار البلطجي من قبل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وكافة أدوات الضبط الاجتماعي في المجتمع.
الشاهد، أن المُتابع لوسائل الإعلام على اختلاف أشكالها يتأكد تماما من انتشار مُخيف ومُفزع للجرائم والاشتباكات وصولا للقتل بين الجار وجاره في طول مصر وعرضها والتي تحدث يوميا، إضافة إلى جرائم آخرى ترتكب قد لا تصل إليها وسائل الإعلام في خضم تلك المادة الخصبة المتوفرة يوميا، وقد يقتصر الأمر على نشر حادثة من كل ثلاث حوادث تحدث بفعل الجار البلطجي مع سبق الإصرار والترصد.
لقد تابعت حادثة مؤخرا، ارتعدت جميع حواسي وقلبي منها، وتأثرت كثيرا لدرجة أنني ذهبت إلى طبيب القلب للاطمئنان على صحتي.. لقد شاهدت ويا ليتني ما تابعت ولا شاهدت واكتفيت بمتابعة ما يردنا إلينا من حوادث الجار البلطجي.. معارك طاحنة استُخدمت فيها كل أشكال السلاح الأبيض بين الجيران وبعضهم، استمرت لأكثر من 4 ساعات نتج عنها مقتل وإصابة العشرات إلى أن تدخلت قوات الأمن وفرضت سيطرتها على كامل المنطقة.
الجار البلطجي لا يخشى أي شيء، يحكم سلوكه الهوى والمزاج والرغبة في التشفي والانتقام..
إن الجار البلطجي شكل بغيض أصبح ينتشر في المجتمع بين جميع شرائحه، ويزداد يوما بعد الآخر بأشكال وصور مختلفة، وينسج خيوطه حول ضحاياه من المواطنين الشرفاء الذين لا يزالون متمسكين بالقيم والعادات والتقاليد الحميدة لأنها جزء أصيل من نشأتهم الاجتماعية وغير مستعدين التفريط فيها حتى ولو كانت حياتهم هي الثمن للحفاظ على تلك الموروثات الاجتماعية الحميدة التي تبني وتصون الكرامة الإنسانية.
عزيزي القاريء لنحلق بشكل أوسع في سماء المحروسة لنرصد أخوة لنا في الدين والعروبة والإنسانية يُحرقون أحياء منذ أكثر من 7 أشهر وسط صمت عالمي مخزي وفي القلب منه الجيران… قتل النساء والأطفال والعجائز وتدمير المنشأت المدنية من مستشفيات ومدارس وتجريف لكل أشكال الحياة.. أنه الجار البلطجي النبت الشيطاني الذي زُرع في منطقتنا لتحقيق المأرب الخبيثة لأمريكا المجرمة الإرهابية وأنظمة دول الاتحاد الأوروبي المتواطئة معها.
وأخيرا، فماذا نحن فاعلون في الجار البلطجي؟
الجار البلطجي ليس له علاج إلا البتر إذا ما أردنا أن نحيا بكرامة على ظهر المعمورة، وإلا فالتراب أولى بنا.. والبتر يتحقق من خلال العدالة الناجزة وتطبيق القانون بسرعة وحزم على كل جار بلطجي ينتهك حقوق جاره سواء كان مواطنا أو محتلا غاصبا.
للتواصل مع الكاتب
[email protected]