رئيس التحرير

«التكريم» بمركز البحوث الزراعية

بقلم: د.أسامة بدير

تعايشت خلال مراحل التعليم الأساسي الابتدائي والإعدادي والثانوي مع العديد من الأنشطة الثقافية في المدارس حيث كانت تنظم المسابقات المتعددة في كافة ألوان الفن الصحفي، فضلا عن تنظيم المعارض العلمية والثقافية على مستوى الإدارات التعليمية ثم المحافظة فالجمهورية، كانت تشمل عرض لوحات فنية ومجلات حائط تخصصية وعامة، وحينها كانت وزارة التربية والتعليم ترصد الجوائز القيمة للأعمال المتميزة تكريما لأصحابها.

لقد كنت خلال تلك المرحلة من عمري سعيد للغاية لإني أمارس هواية أحبها بل أعشقها وأبدعت فيها، ولذا استطعت أن أحصد العديد من الجوائز خلال تلك المراحل التعليمية، وكانت الجوائز عبارة عن شهادات استثمار بفئات مختلفة وفقا لنوعية وحجم ومستوى المسابقة.

كانت فترة جميلة للغاية تناغمت فيها وزارة التربية والتعليم مع وزارة الشباب والرياضية في دفع تلاميذ المدارس نحو ممارسة هواياتهم المفضلة والعمل على تنميتها، فضلا عن إذكاء روح المنافسة المشروعة والطموح في الوصول إلى الفوز في المسابقات وحصاد أرقى وأعلى الجوائز من أجل تحقيق مكاسب أدبية واجتماعية ومالية.

الشاهد، أن ظاهرة “التكريم” للمبدعين والمتميزين في شتى المجالات والهوايات كانت ظاهرة عامة وسمة هامة من أهم سمات المؤسسات الرسمية خلال ثمانينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى نوعية الجوائز المقدمة التي كانت تمثل قيمة استثمارية ولو أنها رمزية لكنها تعلم وتغرس مفاهيم اقتصادية جيدة عند جيل الشباب من التلاميذ.

حقيقة القول إن تكريم النابهين من علماء وشباب هذا الوطن لو بحق مسألة تستحق منا جميعا أن نقف أمامها بالرصد والتحليل من دون تحيز لأحد أو نفاق لآخر أو إنكار جهود ثالث، خاصة خلال تلك الفترة الحرجة من عمر الوطن، آخذين في الاعتبار الكم الكبير من التغيرات في الأنساق الحاكمة لشبكة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية السائدة في المجتمع والتي باتت تمثل أحد أهم أركان استقراره أو هدمه وانهياره.

والسؤال الذي بات يؤلمني كثيرا خلال هذه الأيام: لماذا لم يعد لظاهرة “التكريم” روقنها وبريقها كما كانت سلفا؟ ولماذا أصبح “التكريم” لأشخاص يستحقونه نموذج قل في أيامنا هذه؟ ولماذا اقتصر “التكريم” على شهادة تقدير فقط؟

أعتقد أن جميع هذه التساؤلات مشروعة للغاية فظاهرة “التكريم” لم تعد سوى شكل خالي من الجوهر والمضمون الراقي لفكرة “التكريم” بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والأدبية والنفسية، واقتصر “التكريم” على حالة أو مظهر شكلي ليس له وزن أو حتى رد فعل إيجابي من أصحاب القامات أو الثقال أو العدول ممن يقودون المجتمع نحو التقدم والتطور والتحديث.

يقيني، أن مركز البحوث الزراعية أكبر وأعظم صرح بحثي في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، قادر بفضل قياداته الرشيدة على أن تقود إعادة ظاهرة “التكريم” إلى سابق عهدها بأبعادها الراقية ومضمونها التنويري الذي يضىء مشاعل الحضارة والحداثة للمجتمع كله.

وأخيرا، أطالب الدكتور محمد سليمان رئيس مركز البحوث الزراعية، بأن يقرر إقامة حفل شهري يكرم فيه ثلاثة من العلماء والباحثين على صعيد الأبحاث الابتكارية ذات الأثر التطبيقي والأعمال المتميزة التي تساعد على نهضة الزراعة المصرية، على أن تكون الجوائز الثلاث المقدمة عبارة عن شهادات استثمار بمبالغ مالية مقدرة بمكانة المركز والمكرم.

انتظر، قرار من رئيس مركز البحوث الزراعية بتشكيل لجنتين لتفعيل هذا المقترح، على أن تكون اللجنة الأولي يناط لها وضع دستور حاكم للتكريم، والثانية تكون مسئولة عن تنظيم الاحتفالية الشهرية وفقراتها والترويج لها في كافة المحافل وعلى جميع الأصعدة لاستثمار هذا الحدث في صالح مركز البحوث الزراعية.

للتواصل مع الكاتب
[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى