رأى

التغيرات المناخية وحتمية تغيير خريطة التنمية 

أ.د/محمد علي فهيم

بقلم: أ.د/محمد علي فهيم

أستاذ المناخ بمركز البحوث الزراعية

أن الزراعة المصرية تعتبر ذات حساسية خاصة للتغيرات المناخية، حيث تتواجد في بيئة قاحلة وهشة تعتمد أساساً على مياه نهر النيل وتتأثر بـالتغيرات المناخية المتوقعة، ومصر لها وضع خاص فيما يتعلق بـالتغيرات المناخية، فالموقع الجغرافي يؤهلها لأن تكون أكثر المناطق تأثرا بتغير المناخ، فالكل يتحدث عن زيادة درجة الحرارة بمعدل يتراوح من درجة إلى درجة ونصف خلال عشرين عاما، وعليه ينتظر الجميع ذلك.

لا يعلم أحد أننا بدأنا بالفعل في التأثر بهذا الارتفاع الآن، حيث سنشهد تقلبات جوية حادة فى توق يتات لم تعهد المنطقة وجودها، على سبيل المثال، نشهد موجة حارة في فبراير وأمطارا في مايو، وهذه التقلبات هي مظهر من مظاهر تغيّر المناخ.

لا شك أن تغير المناخ أصبح المستنزف الأكبر لكل جهود التنمية في مصر على المستوى الفردي أو المؤسسي أو القومي، وأصبحت التغيرات المناخية واقع يفرض نفسه على نمط الحياة وجميع الأنشطة في منطقتنا، والأعوام القليلة الماضية شهدت عده ظواهر أثرت بالسلب على دورات نمو وإنتاج الكثير من المحاصيل.

إن ظاهره تداخل الفصول والتغيرات الفجائية والحادة في الطقس مثل شده الرياح ومعدلات سقوط الأمطار وكمياتها واختلاف درجات الحرارة بين شدة البرودة شتاء وشدة الحرارة صيفا وعنف الظواهر المناخية وأحوالها ربيعاً، وأن المعاملات الزراعية وسط هذا المناخ المتغير والعدائي للمملكة النباتية والحيوانية أيضاً يجب أن تتغير وأن يتم وضع برامج وأساليب جديدة وتوقيتات للعمليات الزراعية تناسب الوضع الجديد والمتغير.

من الملاحظ أن الاستخدام الجائر للمبيدات حاليا، سببه زيادة معدلات توالد الحشرات عن المعدل الطبيعي عشرات الأضعاف، مما يعتبر إجهاداً كيماوياً مضافاً إلى الإجهاد الحراري، وبالتالي كسر صفات التحمل في جميع أصناف النباتات، سواء خضروات أو أشجار مثمرة.

إن زيادة هطول الأمطار وزيادة الرطوبة الحرة والرطوبة الجوية ساعدت على انتشار كثير من الأمراض الفطرية والبكتيرية، ظهرت آفات جديدة في مناطق لم تكن موجودة بها وتحول قطاع كبير من الآفات والأمراض “الثانوية” إلى آفات وأمراض نباتية “رئيسية”.

يجب أن تتدخل الدولة ممثلة في المراكز والهيئات العلمية والبحثية في شتى المجالات وخصوصا النباتية وما يصاحبها من الآفات الزراعية، لإعادة النظر في سلوك السلالات المرضية والحشرية التي تغيرت تماما بفعل التغيرات المناخية الحالية.

كما أن المواد الفعالة المستخدمة في صناعة مبيدات الأمس، لم تعد مؤثرة على آفات اليوم، مما يدفع المزارع إلى الرش بمعدلات تتسبب في كارثة بيئية، سواء على الميكروفلورا الطبيعية، أو صحة الإنسان.

وينبغى تفعيل أنظمة الإنذار المبكر والتنبؤ بحدوث الآفات وإعداد برامج مكافحة متكاملة “ذكية” ومراجعة شاملة لتقييم تأثير المواد الفعالة من المبيدات والعلاجات وروافع المناعة على هذه الآفات والأمراض والمراقبة الصارمة على سوق تداول المبيدات من قبل الجهات المعنية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى