تقارير

التغيرات المناخية وأثرها على الزراعة المصرية وكيفية مواجهتها

كتب: د.صبحي فهمي منصور لا شك بان علاقة الزراعة بـالمناخ علاقة متجذرة وتاريخية ولا يمكن التفكير على الاطلاق بالانتاج الزراعي بمعزل عن عوامل الطقس والمناخ. ومصر على قائمة الدول الأكثر تأثراً بـالتغيرات المناخية، طبقاً لتصنيفات الأمم المتحدة، والتغيرات المناخية سيكون لها تأثير  على غرق جزء من الأرض الزراعية الخصبة فى شمال الدلتا وارتفاع مستوى الماء الارضى لحد كبير فى جزء أخر بالإضافة إلى تمليح جزء ثالث وهذا سوف يؤثر بالسلب على المساحة الكلية للرقعة الزراعية.

أ.د/صبحي فهمي

ومصر فى السنوات القليلة الماضية تعرضت إلى تغيرات مناخية عديدة والتى من شأنها غيرت طبيعة المناخ فى مصر عما كان فى السابق وهذة التغيرات كان لها تأثيرات عديدة على المحاصيل الزراعية بمصر سواء بالسلب أو بالإيجاب, وبالتالي يجب أن يتعرف المزارع على هذة التغيرات المناخية للوصول إلى وسيلة تمكنة من الحفاظ على زراعتة لكى لاتؤثر على إنتاجية الفدان فى مقالنا هذا نلقى الضوء على هذة المشكلة ومعرفة كيفية تلافى الأثار الضارة المترتبة عليها.

التغيرات المناخية التى تعرضت لها مصر وتأثيراتها على الزارعة

يمكن تلخيص تأثير تلك التغيرات المناخية فى الاتى:-

1ـ دفء موسم الشتاء يعمل على عدم استيفاء النباتات لإحتياجاتها من البرودة وبخاصة البراعم الزهرية وبالتالي فإن الأشجار تتجه إلى النمو الخضري على حساب انتاج براعم زهرية وهذا ينتج عنة قلة الإنتاج مما يترتب عليه قلة محصول الفدان.

2ـ حدوث موجات الصقيع الشديد بخاصة فى أثناء فترة التزهير والعقد لأشجار الفاكهة, تعمل على قتل حيوية حبوب اللقاح وبالتالي فشل العقد مما يؤدي إلى إنخفاض المحصول بصورة كبيرة, وقد تؤدي فى بعض الأحيان إلى احتراق النباتات إذا زادت مدة حدوث الصقيع وبخاصة عند سكون الهواء وعدم وجود رياح.

3ـ الارتفاع الشديد فى درجة الحرارة صيفاً يؤدي إلى إحتراق النموات الخضرية والأوراق وهى مصنع الغذاء بالنسبة للنبات ما يؤدي إلى تساقط كمية كبيرة من الثمار نتيجة التنافس على الغذاء وبالتالي فقد المحصول, وكذلك تؤثر على محصول العام التالي، حيث أن الأشجار تتجه للنمو الخضري حتى تستطيع إنتاج كميات مناسبة من الغذاء تساعد فى الموسم التالي على إنتاج محصول. وكذلك فإن ارتفاع درجة الحرارة تؤدي إلى أضرار شديدة فى الثمار منها ما يسمى ”بلسعة الثمار” مما يؤدي إلى إنخفاض جودة المحصول وبالتالي انخفاض القيمة التسويقية له.

4ـ قلة الفارق بين درجة حرارة الليل والنهار تعمل على عدم التلوين الجيد للثمار حيث أن الثمار الملونة وبخاصة الموالح والمانجو والخوخ تحتاج إلى فارق كبير بين درجة حرارة الليل والنهاربحيث لا تقل عن ”8 – 10″ درجات مئوية حتى يتم تلوين الثمار بشكل جيد, وبالتالي فإن ذلك يؤدي إلى إنخفاض جودة الثمار وبالتالي إلى إنخفاض السعر بالأسواق.

5ـ تساقط الأمطار آثناء فترات التزهير والعقد يؤدي إلى غسل حبوب اللقاح وبالتالي فشل النباتات فى العقد وهذا يؤدي إلى قلة إنتاجية الفدان, بالإضافة إلى تساقط الثمرات الصغيرة العاقدة نتيجة شدة الأمطار.

6ـ زيادة الرطوبة الجوية صيفاً تؤدي  لزيادة إنتشار الأمراض الفطرية والبكتيرية مما يؤدي إلى إصابة الأشجار والثمار بتلك المسببات المرضية وبالتالي تلف المحصول.

7ـ شدة هبوب الرياح وبخاصة المحملة بالرمال والأتربة مع ارتفاع درجة الحرارة تعمل على تلف النموات الحديثة وإحتراق الأوراق وتلف البراعم والثمار مما يؤدى أيضاً إلى قلة المحصول إذا حدثت أثناء التزهير وتعمل على فشل العقد وقلة المحصول.

الحلول العملية لتلافي تلك المشكلات الناجمة عن التغيرات المناخية

أولاً: الاهتمام بدراسات الاقلمة حيث هى الأمل الوحيد لخفض الضرر الناجم عن هذه الظاهرة ومن أهم استراتجيات الأقلمة المقترحة:

1- استنباط أصناف جديدة تتحمل الحرارة العالية والملوحة والجفاف وهى الظروف التى سوف تكون سائدة تحت ظروف التغيرات المناخية.

2- استنباط أصناف جديدة موسم نموها قصير لتقليل الاحتياجات المائية اللازمة لها.

3- تغيير مواعيد الزراعة بما يلائم الظروف الجوية الجديدة.

4- زراعة الأصناف المناسبة فى المناطق المناخية المناسبة لها لزيادة العائد المحصولى من وحدة المياه لكل محصول.

5- ضرورة تقليل مساحة المحاصيل المسرفة فى الاستهلاك المائى لها أو على الأقل عدم زيادة المساحة المقررة لها (مثل الأرز وقصب السكر) زراعة محاصيل بديلة تعطى نفس الغرض ويكون استهلاكها المائى وموسم نموها أقل مثل زراعة بنجر السكر او الاستيفا بدلا من قصب السكر.

6- الرى فى المواعيد المناسبة وبكمية المياه المناسبة فى كل رية حفاظا على كل قطرة مياه والتى سوف نكون فى أمس الحاجة إليها تحت ظروف التغيرات المناخية، والعمل على ترشيد استهلاك المياه وذلك باتباع الاتى:

ا- إدخال أصناف موفرة للمياه.

ب- تسوية التربة بالليزر.

ج- توحيد زراعة المحاصيل فى كل منطقة (اعادة العمل بـالدورة الزراعية).

د- جدولة الرى بالنظم الحديثة.

و- تطهير القنوات من الحشائش، والرى بالقطاعات.

ثانياً: تقليم الأشجار وفتح قلب الأشجار بصورة مناسبة والعمل على توازن المجموع الجذرى مع المجموع الخضرى لعمل توازن بين النمو الخضري وكميات التزهير والمحصول.

ثالثاً: إضافة بعض المركبات الكيماوية التى تعمل على كسر دور الراحة فى النباتات التى تحتاج إلى برودة فى الشتاء لحدوث التزهير دون الحاجة إلى ساعات البرودة المطلوبة.

رابعاً: إضافة بعض المركبات العضوية التى تجعل النباتات قادرة على تحمل بعض الظروف غير المناسبة لنموها مثل إرتفاع درجة الحرارة أو إنخفاضها وزيادة تحمل الملوحة أو العطش مثل الأحماض الأمينية والهيومك.

خامساً: رش بعض منظمات النمو والمغذيات التى تعمل على تحسين التلقيح والعقد فى النباتات مما يؤدي إلى زيادة محصول تلك النباتات.

سادساً: يجب زراعة مصدات الرياح بصورة كبيرة قبل البدء فى زراعة البستان وذلك لتلافي أضرار البرودة الشديدة وشدة هبوب الرياح من التقلبات الجوية.

سابعا: التوسع فى الزراعات المحمية لحماية بعض المحاصيل خاصة الخضر.

ـ التوسع فى زراعة مصدات الرياح خاصة فى المناطق المكشوفة والصحراوية (مناطق الاستصلاح الجديدة) وحول الترع والمصارف لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

ـ العودة الى نظام الدورة الزراعية للتحكم وتوحيد العمليات الزراعية وتقليل مياه الرى.

ـ الاستفاده من الانتاجية العالية لبعض المحاصيل فى تصنيعها لاستخدامها فى اوقات اخرى قد يتعرض المحصول لانخفاض انتاجيته.

ـ زيادة فاعلية وتوفير الدعم للارشاد الزراعى لنقل التوصيات المتعلقة بكيفية مواجهة المزارع للتغيرات المناخية التى قد تصادفه.

وبالنسبه للانتاج الحيواني نوصى بالاتى:

ـ اختيار أنواع من الماشية تتحمل الحرارة، من خلال تعاقد الجمعيات الزراعية للثروة الحيوانية لتوريد ماشية تتسم بتلك الصفات، وإنشاء شركات محلية صغيرة، تتعاقد مع مؤسسات تربية ماشية ومعاهد لتربية السلالة المطلوبة عالمياً.

ـ توفير الرعاية البيطرية الوقائية بدلاً من مجرد التلقيح والرعاية فى حالة المرض، وتوفير موارد مستدامة لأجور وانتقالات الأطباء البيطريين، وتوفير العلاج فى القرى والنجوع من خلال وحدات بيطرية ثابتة ومتنقلة.

ومما سبق يمكن التغلب بصورة كبيرة على التغيرات المناخية التى تتعرض لها مصر فى السنوات القليلة الماضية والتغلب على أضرارها مما يؤدي إلى زيادة إنتاجية الفدان وتلافى الأضرار الناتجة عنها، وبالتالي يؤدي إلى زيادة ربحية المزارع المصري.   

*مُعد التقرير: أستاذ بمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية.     

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى