رأى

التعليم الفني الزراعي: قاطرة التنمية والتقدم

د.تغريد السيد عبدالحميد

بقلم: د.تغريد السيد عبدالحميد عيسي

باحث بقسم بحوث الزينة وتنسيق الحدائق ـ مركز البحوث الزراعية

يحظى التعليم الفني بأهمية كبرى في معظم الدول المتقدمة، سواء من حكوماتها أو من المجتمع الصناعي والتجاري، الذي يهمه الحصول على عمالة متعلمة ومدربة.

وأكد عدد من الخبراء علي أهمية التعليم الفني وأنه أساس نهضة وبناء الدولة كونه ركيزة التنمية، كما أنه ليس درجة ثانية إذا قورن بالتعليم الثانوي العام، والدول التي اهتمت بالتعليم الفني كانت في الصدارة أما الدول التي لم تهتم به كانت في المؤخرة ومن أجمل ما قرات كلمات.

ويشهد التاريخ أن المصريين اهتموا بـالتعليم الفني قبل محمد على، مؤسس الدولة الحديثة، لكن الجميع يشير إليه وينسب له الفضل في أولى محاولات اهتمامه بـالتعليم الفني ووضعه على قائمة أولوياته وصولاً لنهضة صناعية وفكرية وكانت وكذلك إرسال الطلاب في بعثات لدول أوروبا حتى يحصلوا كل ما هو حديث وجديد في التعليم الفني ويعودوا لتطبيق ما تم تحصيله أولى خطوات محمد على في مدرسة محمد على الصناعية الفنية.

الوضع الراهن للتعليم الفني

بات هذا التعليم سيئ السمعة وأطلق عليه البعض من العامة (دبلون) وأصبح ملجأ أصحاب المجاميع الصغيرة، فعندما يحصل الطالب على مجموع صغير يسارع الأهل بالقول (ادخل صنايع وأهي شهادة وخلاص. ولم تفلح محاولات الدولة بتخصيص وزارة للتعليم الفني لإنقاذ سمعته السيئة والنهوض به، وسرعان ما تم إلغاؤها، ولم يكن التخبط الحكومي بعيداً عن التخبط في المدارس الفنية ولا بين الطلاب والمدرسين والمعلمين.

انهيار التعليم الفني في مصر لصالح من؟!

الطلاب: التدريب وهمي والمناهج عقيمة.. والمعدات عهدة – مديرو المدارس: انحدار التعليم الفني سببه إهمال الدولة وعدم وجود إمكانيات كافية – مدرسون: نعاني القهر وإهدار حقوقنا.. والمنهج كبير ولا يوجد كتب، ويواجه التعليم الفني فى مصر مشاكل عده تتعلق بضعف الإمكانات وتوفير الخامات والمعدات المطلوبة لتدريب الطلاب عليها بالمدارس، بالاضافة الى ان المناهج غيرمستحدثة لمواكبة التطور التكنولوجي الذى تشهده التخصصات سواء فى المجال التجاري أو الصناعي أو الزراعي أو الفندقى، بما يجعل الخريج ليس على درجة عالية من الكفاءة للعمل فى سوق العمل وتحقيق إنتاج، في حين ان العمالة الفنية المهنية المدربة تساهم بشكل كبير في اقتصاديات دول العالم.

ويعتبر النظام الذى تتبعه دول مثل اليابان وألمانيا في التعليم الفني والتدريب المهني أهم العوامل وراء نجاحها وتفوقها على منافسيها، وقد أوصي خبراء معنيون بشئون التعليم، بضرورة إنشاء مجلس أعلى للتعليم الفني لوضع السياسات والمعايير المنظمة لهذا المجال، وتطوير التعليم المزدوج، وتحويل المدرسة إلى مدرسة منتجة، بالاضافة الى التوسع فى إنشاء تخصصات نوعية تخدم المجتمع وسوق رأس المال. ان مناهج التعليم الفني بها عوار منذ سنوات ولا تؤهل الطلاب لسوق العمل، والجزء العملي فى التعليم الفنى الخاص بتجهيزات الورش غير مواكب للعصر الحديث.

ترى على أي درب تسير منظومة التعليم الفني المصرية؟

هل هناك دراسات جدوى لاحتياجات سوق العمل من الحرف والمهنة المختلفة، توضع بمقتضاها واستجابة لها سياسات القبول في المدارس الثانوية الفنية؟ أم أنهم مجرد بقايا منتج المرحلة الإعدادية الفائض عن حاجة الثانوية العامة وقدرة مدارسه الاستيعابية؟!

التعليم الفني أين؟ الإجابة تبدأ بالوقوف على خريطة التعليم الفني في مصر بفروعه (الصناعي والزراعي والتجاري والفندقي)، فعلى ربوع مصر، نبتت ٥٢ ألف 644 مدرسة بمراحل التعليم المختلفة بحسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء منها ٣ ألاف و ٣٣4مدرسة ثانوية عامة، التحق بها في العام الدراسي ٢٠١6/٢٠١7  مليون و64١ ألف و٢١٨طالبًا. وبينما بلغ عدد مدارس التعليم الفني الزراعي والصناعي والتجاري والفندقي ٢٢٠4 التحق بها مليون و٧٩٣ و١٠٨ طلاب للعام الدراسي ٢٠١6/٢٠١7.

اللافت أن نسبة المدارس الثانوية الفنية تشكل ٣٩.٧ ٪ فقط من إجمالي عدد مدارس المرحلة الثانوية البالغ 5538  مدرسة، بينما نسبة الملتحقين بالمدارس الثانوية الفنية بلغت ٥٢.٢ ٪ من إجمالي طلاب المراحل الثانوية مجتمعة والبالغ ٣ ملايين و4٣4 و٣٢6 طالبا وطالبة.

هذا الخلل نتج عنه كثافة طلابية تقارب الضعف في المدارس الفنية مقارنه بالثانوي العام، بما انعكس قطعا على المنتج التعليمي، والصورة الذهنية السلبية عن طلاب ما يسمونه أنفسهم بـ”الدبلون”، فمتوسط طلاب المدرسة الواحدة بالتعليم الفني ٨٧٠ طالبا بينما المتوسط في مدرسة الثانوي العام492  طالبًا فقط اي النصف تقريبا.

الخلل لا يظهر فقط عند المقارنة بين العام والفني، بل عند الغوص في عمق بيانات التعليم الفني ذاته، فبالتحليل تتكشف المعلومات، على سبيل المثال لا الحصر،المدارس الثانوية الصناعية عددها في مصر 1122 مدرسة التحق بها في العام الدراسي الحالي ٨٧٧ ألف و ٥6٧ طالبًا، بينما عدد مدارس الثانوية الزراعية ٢4١ مدرسة فقط التحق بها ٢١٠ ألف و ٣6٩ طالبًا.

ويتضح من الأرقام عدد طلاب الثانوي الزراعي يشكلون 10.9٪ فقط من إجمالي طلاب الثانوي الفني، بينما نسبة التعليم الفني الفندقي متدنية حيث تشكل 4.6٪ فقط من إجمالي الملتحقين بالثانوي الفني، ما يجعل قطاع السياحة يعتمد في أوقات التعافي على نسبة كبيرة من غير الدارسين لمهن الفندقة.

دور القطاع الخاص في مجال التعليم الفني

إجمالي  ١١٢٢ مدرسة صناعية، فيما جاءت استثمارات القطاع الخاص في المدارس الفنية الزراعية صفر، وفي الفندقي ٢٣ مدرسة في مقابل ٧٩ مدرسة ثانوية فندقية حكومية، بينما التجاري ساهم القطاع الخاص بـ١٥٢ مدرسة من إجمالي ٥٨٧ مدرسة ثانوية تجارية حكومية، و11 مدرسة خاصة فقط فنية صناعية، تلك الأرقام الكاشفة، تطرح تساؤلات ملحة هل لدينا خطة مستقبلية، وهل لدينا دراسات للاحتياجات، وأين القطاع الخاص مستثمري القطاع الزراعي والصناعي، من دعم المدارس الفنية التي تستهدف بالأساس تخريج منتج تعليمي يخدم احتياجات تلك القطاعات؟! التعليم الفني ضحية تنازع ٥ وزارات في الاختصاصات (وزارات التربية والتعليم، والصناعة والقوى العاملة والإنتاج الحربي والصحة).

الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني والتدريب، بدوره أعلن أن وزارته تسعى لمواجهة تحديات التعليم الفني، والتدريب المهني، بمحاولة إحداث طفرة بهما بالتوازي مع التعليم العام بحسب تصريحات الوزير- ما زالت تصريحات لم تأخذ طريقها للتنفيذ: “سيكون عن طريق المسابقات وليس القبول وفقا للمجموع، بحيث يتنافس الطلاب للالتحاق بمدارس التعليم الفني ولن يصبح طلاب التعليم الفني الأدنى مجموعًا بين خريجي الإعدادية”.

لكن ترى ما هي المحفزات التي تشملها خطة الوزير لخلق طلب وتنافس على الالتحاق بالتعليم الفني في ظل الصورة الذهنية المصدرة عنه مقارنة بالثانوية العامة؟ الإجابة على هذا السؤال وفق رؤية الوزير تكمن في “منح شهادات لخريجي التعليم الفني معترف بها دوليا، حيث سيتم توحيد رؤية احتياجات القطاع العام المصري والجهات المانحة وفقًا للخريطة الاستثمارية لمصر، وهو ما يوفر فرص عمل جيدة للخريجين محليًا ودوليًا”.

ويبقى السؤال متى سيفعل هذا النظام، وهل هذه المحفزات كافية لدفع الطلاب المتفوقين للالتحاق بـالتعليم الفني؟ مؤكد التجربة وحدها القادرة على تقديم إجابة شافية، لكن تصريحات الوزير السابقة حول خططه الإصلاحية تعد بتطبيق النظام الجديد بداية من العام ٢٠١8 –  2019 عدد من الخبراء أكدوا أن التعليم الفني في مصر فاشل ويخرج طالبا عاطلا، مستدلين على ذلك بأن الشركات الكبرى والعالمية ترفض تشغيل خرجيه لتدني مستوى الكفاءة الحرفية بحثنا عن سبب ذلك لدى المهندس طارق سرى، مستشار وزير التعليم السابق للتعليم الفني، فقال:” إن ٧٥ % من التعليم في ألمانيا تعليم فني و٨٥% من التعليم الفني تعليم مزدوج، مما كان سببا في نهضة ألمانيا”.

ويجب على القائمين على وضع سياسات التعليم في مصر، والتوسع في التعليم الفني .من خلال الدمج بين المدرسة والمصنع لتخريج منتج تعليمي بمستوى كفاءة لائق، مرجعًا ضعف المستوى لغلبة الجانب النظري على الممارسة العملية الفعلية.

وأكد عدد من الخبراء على أهمية التعليم الفني وأنه أساس نهضة وبناء الدولة كونه ركيزة التنمية، كما أنه ليس درجة ثانية إذا قورن بالتعليم الثانوي العام، فالتعليم الفني يعتبر المصدر الرئيسي لإمداد سوق العمل بالعمالة الفنية المدربة حرفيًا، والتي تلعب دورًا مهمًا في تنمية البلاد، حيث يحظى التعليم الفني بأهمية كبرى في معظم الدول المتقدمة، سواء من حكوماتها أو من المجتمع الصناعي والتجار، الذي يهمه الحصول على عمالة متعلمة ومدربة.

ومن الغوص في قاع القضية وصولًا لجذورها، نصعد بخلاصتها المسؤولية جماعية والحلول ممكنة والتصدي لتحدياتها ضرورة تنموية، الجميع شركاء في تشويه الصورة الذهنية للتعليم الفني، والحلول تبدأ من الدولة فمنها تنطلق الإرادة السياسية للإصلاح، ومن خطته التنموية الاستثمارية والصناعية والزراعية المستقبلية.

يجب أن تنطلق سياسات التعليم الفني. ولكن دورها يجب أن يكون راسم للسياسات ومنظم للإمكانات والاحتياجات، ومحفز للقطاع الخاص على المشاركة، فعندما يجد الخريجين فرص عمل كريمة بأجور عالية سيزداد الطلب على التعليم الفني رجال الأعمال شركاء فهم مستفيدين، والإعلام والمجتمع شركاء في تصحيح الصورة الذهنية.

نبذة عن التعليم الفني في  ألمانيا  وإمكانية تطبيق التجربة في مصر

في نهاية مرحلة التعليم الأساسي في ألمانيا  يحدد مستوي أداء التلميذ في امتحان نصف العام من السنة الرابعة الابتدائية  الاتجاه الذى سوف يسلكه بعد ذلك في حياته، إذ هناك ما يسمي التوصية بالصلاحية للدراسة الثانوية gymnasial Empfehlung وهي ما يحصل عليها التلاميذ الأكثر تفوقا.

ثم هناك التوصية بدخول المدارس الفنية Realschule والتوصية الثالثة بدخول المدارس Hauptschule التي تخرج قوي الأيدي العاملة من الفنيين في مجالات مختلفة. وفى جميع الأحوال لا يقل عدد سنوات الدراسة عن عشر سنوات أي ما يعادل الصف الأول الثانوي في النظام المصري، ويقع الفارق بين الدراستين في العمل الذى يقوم به الخريج  فيما بعد في الحياة العملية، بينما يكون خريجو المدارس الفنية Realschule هم عماد الإدارة المتوسطة والتشغيل.

يمثل خريجو مدارس تخريج الأيدي العاملة Hauptschule الكتلة الكبرى من العمال والمهنيين ويضمن هذا النظام وجود حد أدني من التعليم والمعرفة لجميع أفراد المجتمع بغض النظر عن موقعهم في العمل ودرجة المسئولية التي يتحملونها ويحصل الدارسون للحرف الفنية جميعها على شهادة في نهاية الدراسة، وذلك عقب اجتياز اختبار جاد في مستواه، ومن يريد مزيدا من المعرفة يحصل على شهادة Meister وهي شهادة دراسية وعملية في نفس الوقت وهذه الشهادة تثبت ما يمكن تسميته أسطي معتمد وتشمل جميع المهن تقريبا (ميكانيكي، ساعاتي، مبيض، نجار، حلاق إلخ).

وينظم القانون الصادر عام ١٩6٩ والمعدل بقانون عام٢٠٠٥ أحكام التدريب ومدته وأحقية الطلبة في الحصول عليه ويكفل هذا النظام المتميز لألمانيا الاتحادية الإمداد المستمر بعمالة قادرة على القيام بالأعمال الموكلة إليها بطريقة تتسم بالجودة العالية والكفاءة في الأداء وهذا الأداء المتميز للصناعة الألمانية يعود في سبب وجوده إلى هذا النظام التعليمي الألماني الفريد بين كل الدول الصناعية.

وبمقتضي هذا النظام تلتزم الشركات الصناعية والخدمية بتوفير أماكن للتدريب لهؤلاء الطلبة حتي يمكن لهم أن يحتكوا بالحياة الحقيقية ويتعرفوا مبكرا على طبيعة الأعمال التي ينتظر منهم القيام بها عقب انتهاء الدراسة .ويتقاضى المتدربون الصغار أجورا زهيدة مقابل هذا التدريب وذلك لتشجيع الأجيال على الإقبال على التعليم وعدم ترك الحرف والمهن اليدوية.

وتشارك الشركات بمختلف أنواع نشاطاتها في هذا النظام بل أنها أحيانا تتعهد للتلاميذ المتميزين بأن تعينهم لديها عقب نهاية دراستهم وتدريبهم. أي أن هذا النظام يعتمد على وجود توافق بين قطاعات الاقتصاد سواء منها الخاص أو العام، وبين الدولة على أهمية الحفاظ على هذا التدريب صونا للهدف الأسمى وهو الحفاظ على المكانة الصناعية الألمانية بين دول العالم.

وتقع مصلحة شركات القطاع الخاص بمقتضي هذا النظام أولا في ضمان الحصول على عمالة مدربة قادرة على قبول تحديات العولمة، وثانيا في المميزات الضريبية التي تمنحها الدولة للشركات المانحة لهذه الفرص، والنظام الثنائي  Duales System المقصود بالثنائية في هذا النظام هو عدم حرمان العامل من فرصة تحسين مستواه العلمي.

قانون العمل يمنع فصل العمال لهذا السبب ويقوم النظام الثنائي على أن يتمكن العامل من تحسين مستواه العلمي في أي وقت يشاء وذلك بالانضمام أثناء عمله إلى أحد المراكز المعتمدة التي تؤهله لمدة ٣ أعوام حتي يحصل على ما يعادل الثانوية العامة التي يتأهل بها لدخول الجامعة.

وأشهر مثال على ذلك هو مستشار ألمانيا السابق جيرهارد شرودر الذى بدأ حياته كاتبا بسيطا ثم استكمل الدراسة وحصل على الثانوية العامة ودرس القانون أثناء عمله، ويمكن لهؤلاء أن يترقوا في المراتب العلمية إلى درجة الماجستير.

مستشار ألمانيا السابق جيرهارد شرودر

وتمتاز الدراسة بهذه الطريقة بارتباطها بالتطبيقات العملية وتوجهها إلى خدمة الصناعة بدلا من حصرها في النطاق النظري الذي قد تكون تطبيقاته العملية غير مطلوبة أو ليس له تطبيقات عملية مباشرة تفيد في مجال الصناعة الذى يعمل فيه الدارس. الجامعات التخصصية Fachhochschulen وهي تخرج أكاديميين تركز تعليمهم على الاتجاه التطبيقي للعلوم في المجالات التي يدرسونها كالمهندسين أو الفنيين أو الإداريين.

وأشارت بيانات لمركز تطوير التعليم الجامعي الألماني، إلى أن عدد هؤلاء الطلاب الذين يلتحقون بـالجامعات بدون الحصول على الشهادة الثانوية يتضاعف، حيث بلغ عددهم نحو ٥٧ ألف طالب عام ٢٠١6، بل إن باستطاعة البعض الالتحاق بكليات قمة مثل الطب والصيدلة بهذه الطريقة أيضا حيث يوجد في ألمانيا ٧٠٠ طالب بدون شهادة ثانوية من إجمالي ١٠٧ آلاف طالب في كليات الطب. كما أن ٥٥٪ من طلبة الجامعات الألمانية الذين لم يحصلوا على الثانوية العامة يدرسون في كليات القانون والاقتصاد والعلوم الاجتماعية، في حين أن واحدا من بين كل خمسة منهم يدرسون العلوم الهندسية.

تقييم التجربة من وجهة النظر المصرية مع المقترحات العملية يتضح من الشرح السابق أن هذه التجربة الراسخة في مجتمعات وسط أوروبا خصوصا الناطق منها بالألمانية أن الهدف الأساسي هو الحفاظ على مستوي مرتفع من التعليم الحرفي والمهني يمكن الاقتصاد الوطني من التنافس وترويج المنتجات عبر العالم بأسره من ناحية، ومن ناحية أخرى الحفاظ على حالة من السلام الاجتماعي بين طرفي العملية الإنتاجية بالإضافة إلى تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية عن طريق تكافؤ الفرص.

لذا يجب تعديل القوانين التي تحكم العملية التعليمية في جمهورية مصر العربية، إذ أن التعليم الفني لابد له أن ينهض على أساس قانوني يسمح بدخول الجامعة – للراغبين فيه – في سن متأخر ومن خارج عمل مكاتب التنسيق التي تنظم الالتحاق للطلبة العاديين من حملة الثانوية العامة. تعديل القوانين التي تحكم عقود العمل في مصر، إذ أن التوافق المطلوب بين أصحاب الأعمال والراغبين في الدراسة لابد له من الخضوع لهيكل قانوني يمنع الفصل التعسفي بسبب الغياب لأسباب دراسية كما لابد له أن يحمي صاحب العمل من سوء استغلال هذه الميزة الممنوحة فقط للعمال الجادين، وإصلاح الفهم المجتمعي العام للدور الذى تلعبه المهن الفنية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، إذ أن تلك المهن تمثل أكثر من ثلاثة أرباع المهن المتاحة في السوق الألماني.

إن جودة المنتجات الألمانية لا تتحدد عن طريق المهن الأكاديمية وإنما عن طريق الدراسة ثم في النهاية تجتذب هؤلاء الدارسين عقب تخرجهم بالتعيين على قوتها العاملة وهذه القاعدة الصناعية هي في معظمها أو كلها شركات من القطاع الخاص الذي يمتاز في تلك المناطق من العالم بارتفاع الوعي الاجتماعي والحرص على المركبة التنموية .في تخطيط سياساته التجارية.

إن تنفيذ مشروع من هذا النوع يستلزم تكافل جهود مكثفة من جهات عديدة سواء من الدولة أو من القطاع الخاص الصناعي أو من البنوك، ولهذا ربما يكون إنشاء هيئة عليا تشرف على تذليل العقبات وعلى تنفيذ المشروع والبت في تنازع الاختصاصات المتعلقة به هو .الوسيلة التي يمكن بها لمشروع قومي بهذا الحجم أن يري النور في القريب.

التعليم الفني في اليابان

 التعليم الفني في اليابان لا يقل عدد الطلاب الذين يلتحقون بها عن ٢٧%، تركز على البرامج التي تعد الطلاب للالتحاق بالعمل في مجالات مثل: (المحاسبة، الأعمال المكتبية، التصميم، تقنية المعلومات، الزراعة)، وبسبب المضمون الفني المباشر لهذه المناهج الدراسية الذي تناقض على نحو منتظم مدارس التعليم الثانوي العام بفعل سياسة الحكومة قل عدد الطلاب الذين يدرسون هذه المناهج من 4٠% منتصف السبعينات إلى ٢٧ %، وتلعب المدارس الفنية دور هام في تدريب العاملين في قطاعي الصناعة والأعمال التجارية في اليابان، وفيما يمكن تسميته بالمستويات الفنية والحرفية، ومعظم مناهجها تقتصر على المواد الفنية بينما يجمع البعض بين المواد العامة والفنية. منهج المدارس الثانوية الفنية. يتألف منهج المدارس الثانوية الفنية من موضوعات عامة وفنية معا ويخصص للأولى 6٠% والثانية 4٠% من وقت الدراسة.

المواد الفنية متخصصة أما المواد العامة: اللغة اليابانية، الدراسات الاجتماعية، الرياضيات، العلوم، لغة أجنبية، الفن، التربية البدنية. تم إتاحة إكمال دراسة مخرجات التعليم المهني والفني في مؤسسات التعليم العالي المعاهد ذات السنتين بعد الثانوية.

ومن بين التجديدات المتحققة في التعليم المهني والفني، تم في عام ١٩٩٣ إدخال برنامج جديد هو “البرنامج التكاملي” الذي يعد كنوع ثالث في التعليم الثانوي، إضافة إلى التعليم العام والمتخصص بمختلف فروعه، وتتضمن مناهجه ٣٥ وحدة دراسية إلزامية أما الوحدات الأخرى فيختارها التلاميذ بحرية كاملة وفقا لرغباتهم وتوجهاتهم الخاصة، وتسير الدراسة في المدارس الثانوية العليا وفق نظام الساعات المعتمدة أو نظام المقررات الدراسية التي تحددها وزارة التعليم والثقافة والعلوم وعلى الطالب أن ينجز ٨٠ ساعة معتمدة لكي يكمل برنامجا شاملا في المدرسة الثانوية العليا.

وبالنسبة للطلبة الملتحقين ببرامج تخصصية فعليهم أن يجتازوا ٣٠ ساعة معتمدة من أصل ٨٠ ساعة في موضوعات دراسية مهنية أو تخصصية متنوعة أخرى في المجال الملائم لاستعداداتهم ورغباتهم، وجميع تلاميذ التعليم الثانوي يشتركون في اختيار نحو ٥٠ وحدة دراسية مشتركة، وهذا يجسد حجم التكامل ما بين مناهج التعليم الثانوي العام ومناهج التعليم الثانوي المهني والفني.

وتعد التجربة اليابانية نموذجا جيدا للاستعارة التربوية. فقد استعارت التجربة اليابانية النمط الأمريكي في تنظيم التعليم الثانوي، وخاصة في بنيته ومناهجه، ولكنها استطاعت أن تضفي على ذلك النموذج من شخصيتها وتقاليدها الثقافية والاجتماعية ما يتناسب مع أهدافها، حتى أصبح النموذج الياباني في تنويع التعليم الثانوي مثالا يمكن أن تحتذيه الدول النامية في تحديث بنية تعليمها الثانوي ومناهجه دون أن تفقد هويتها الثقافية. التعليم الفني مصنع تأهيل العمالة الماهرة.

السيسي اطلق ثورة التطوير لـ”تحديث المدارس .. “وربط المنظومة بـ”سوق العمل

اطلق الرئيس السيسي عام ٢٠١٩ ليكون عاما للتعليم الفني موجها الحكومة بالعمل علي تطوير التعليم الفني .. وفي استجابة من الحكومة لتوجيهات الرئيس بدأت بالفعل بوضع خطة للارتقاء بمنظومة التعليم الفني من ضمنها زيادة قبول طلاب هذه النوعية من التعليم بالمعاهد والجامعات الحكومية وفتح تخصصات وكليات تكنولوجية جديدة لاستيعاب خريجي المدارس الفنية.

اكد الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، ان مدارس التكنولوجيا التطبيقية ستكون نقلة في مدرسة للتكنولوجيا التطبيقية خلال الفترة المقبلة التعليم الفني، مضيفا أن هناك خطة طموحة للبناء. مؤكدا انها ستغير وجهة التعليم في مصر. وأضاف إن نظام التكنولوجيا التطبيقية له شكل ولو جو جديد ويعد رأس الحربة لما هو قادم لتطوير التعليم الفني، وأهم تلك المدارس، مدرسة العربي للتكنولوجيا التطبيقية والتي تعد أول مدرسة تم تشغيلها بالتعاون مع وزارتي الصناعة والتربية والتعليم بنظام الـ”بي بي “والتابعة لنظام التعليم المزدوج.

مشروع TVET 2 لتطوير التعليم الفني

ما هو مشروع TVET 2 هو برنامج قومي وهو برنامج دعم وتطوير التعليم الفني والتدريب المهني في مصر بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي يهدف إلى تطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني وتحسين مخرجاتها لتتناسب مع متطلبات سوق العمل المصري والإقليمي وتلبي احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الحاضر والمستقبل عن طريق تقديم الدعم الفني لكافة الجهات الحكومية والغير حكومية المعنية بالنظام.

ما الهدف من المشروع؟

الهدف العام لبرنامج دعم وتطوير التعليم الفني والتدريب المهني في مصر منظومة التعليم الفني والتدريب المهني في نظام قومي واحد وتحسين جودته وأداءه .ولتحقيق هذا الهدف يقوم البرنامج بالعمل على تحقيق ثلاثة أهداف محددة وهي وضع نظام حوكمة موحد للتعليم الفني والتدريب المهني والسياسات المنظمة له، ووضع منظومة من أجل تحسين مخرجات التعليم الفني والتدريب المهني، وتيسير انتقال خريجي التعليم الفني والتدريب المهني إلى سوق العمل ما هي الآليات التي يركز عليها المشروع؟

يحرص البرنامج على توفير أفضل الخبراء الدوليين الرائدين في القطاعات الاقتصادية الهامة مثل قطاع السياحة والزراعة والطاقة الجديدة والمتجددة وتكنولوجيا الاتصالات والأعمال اللوجيستية وغيرها من القطاعات الاقتصادية الهامة، حيث يعمل البرنامج على تقديم الدعم الفني لكل الوزارات والهيئات الحكومية وبناء قدراتهم من اجل تمكينهم من تنفيذ الانشطة المختلفة مثل تطوير المناهج المبنية على الجداريات وتدريب المدسين والتحقق من تطبيق معايير الجودة.

كما يعمل على ربط الوزارات بالجهات الغير حكومية والقطاع الخاص والاتحادات الصناعية والغرف بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني وشركاء التنمية ويعمل على توحيد الاهداف والتوجهات وتعظيم التكامل بينهم من اجل تحقيق تنمية شاملة.

واخيرا: فالتعليم الفني يعتبر المصدر الرئيسي لإمداد سوق العمل بالعمالة الفنية المدربة حرفيا، والتي تلعب دورا مهمًا في تنمية البلاد ولذا يجب وضع منظومة جودة من أجل تحسين مخرجات التعليم الفني والتدريب المهني، وتيسير انتقال خريجي التعليم الفني والتدريب المهني إلى سوق العمل.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى