رأى

التعليم الفني الزراعي.. ركيزة لتعزيز التنمية والاقتصاد الزراعي بمصر

بقلم: أ.د.أشرف سليمان

أستاذ الاجتماع الريفي والتنمية الريفية بمركز البحوث الزراعية وأستاذ الأمن الغذائي والسياسات الزراعية بجامعة كيوتو باليابان سابقا

في ظل الظروف الاقتصادية والزراعية التي تمر بها مصر، يُعد التعليم الفني الزراعي أحد العناصر الحيوية لتطوير قطاع الزراعة وتحقيق التنمية المستدامة. يتميز القطاع الزراعي بإنه يساهم بنسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر فرص عمل لجزء كبير من السكان، خاصة في المناطق الريفية.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

يبرز دور التعليم الفني الزراعي كعامل حيوي لتعزيز هذا القطاع الحيوي للاقتصاد القومي والاقتصاد الزراعي والذي يواجه عددا من التحديات منها ندرة موردي الأرض الزراعية، والمياه وارتفاع تكاليف الإنتاج، والتغير المناخي. ويمكن أن تتجسد أهمية التعليم الفني الزراعي فيما يلي:

1- دعم التنمية الزراعية

التعليم الفني الزراعي يُعزز من قدرات العاملين في القطاع الزراعي من خلال تزويدهم بالمهارات والمعرفة الحديثة التي تمكنهم من استخدام التقنيات الزراعية المتطورة. هذا النوع من التعليم يساعد في تحسين الإنتاجية وزيادة الكفاءة في استخدام الموارد الطبيعية، مما يؤدي إلى زيادة إنتاجية المحاصيل وتحسين جودة المنتجات الزراعية.

2- مواكبة احتياجات سوق العمل

سوق العمل الزراعي في مصر يتطلب مهارات متخصصة تتماشى مع التحولات التكنولوجية الحديثة في القطاع. التعليم الفني الزراعي يوفر للخريجين القدرة على العمل بكفاءة في مختلف الوظائف الزراعية، من إدارة المزارع إلى العمل في الصناعات الزراعية والغذائية. هذا النوع من التعليم يسهم في سد الفجوة بين العرض والطلب على العمالة الماهرة في السوق، مما يؤدي إلى تحسين فرص التوظيف وخفض نسبة البطالة.

3- تعزيز قطاع الإرشاد الزراعي

يمكن أن يساهم التعليم الفني في سد العجز في أعداد المرشدين الزراعيين، عن طريق خريجي التعليم الفني المهرة والملمين بالتقنيات الحديثة في الزراعة.

4- تشجيع ريادة الأعمال

يمكن تشجيع الطلاب والخريجين عن طريق التعليم الفني الزراعي، على تطوير مشروعات زراعية صغيرة ومتوسطة الحجم، مما يعزز من روح ريادة الأعمال في الريف. وهذا يسهم في تحسين الدخل للأسر الريفية ويقلل من الهجرة إلى المدن بحثا عن فرص عمل.

4- مواجهة التحديات البيئية

يقوم التعليم الفني الزراعي بدور مهم في تعزيز الوعي البيئي لدى العاملين في القطاع الزراعي. كما يمكن لهذا التعليم أن يساعد في نشر الممارسات الزراعية المستدامة، مثل الري الفعال وإدارة التربة والزراعة البديلة والحفاظ على الموارد الطبيعية، مما يسهم في حماية البيئة ومواجهة التحديات المرتبطة بالتغير المناخي.

5- تعزيز الأمن الغذائي

يساهم التعليم الفني الزراعي عن طريق تحسين الإنتاجية وزيادة كفاءة العمليات الزراعية، في تعزيز الأمن الغذائي في مصر. وهذا يعد أمرا بالغ الأهمية في ضوء النمو السكاني المتزايد والتحديات المرتبطة بتوفير الغذاء الكافي والمستدام للسكان.

لقد توصلنا لعدد من التوصيات من خلال دراسة(*) أجريت في عشر محافظات في مصر على أكثر من 2000 خريج، اعتمادا على النتائج التي توصلت غليها هذه الدراسة، والتي يمكن أن تساهم في تحسين وتطوير التعليم الفني الزراعي بحيث يتلاءم مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية والتحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري، كما يستطيع تحقيق الأهداف المرجوة منه. وقد تمثلت في:

1- ينبغي ألا يعتمد الالتحاق بالتعليم الفني الزراعي على مجموع الدرجات فقط، على أن يُعاد النظر في قبول التحاق الطلاب بالتعليم الفني الزراعي، وأن يؤخذ في الاعتبار مدى استعداد الطلاب للالتحاق بالتعليم الفني الزراعي وتوزيعهم على التخصصات وفقا لميولهم واتجاهاتهم.

2- الأخذ في الاعتبار بُعد النوع، وتشجيع الطالبات على دراسة التعليم الفني الزراعي، لاسيما وأن نسبة بطالة الإناث أكثر كثيرًا من بطالة الذكور.

3- وجود رؤية واضحة للتعليم الفني الزراعي وأهدافه، تتسق مع رؤية شاملة للتعليم الفني وربطه بخطط التنمية واحتياجات ومتطلبات سوق العمل.

4- التنسيق بين وزارة التعليم والتعليم الفني، ووزارة الزراعة في صياغة الرؤية لأهداف التعليم الفني الزراعي، وكذا ببعض الوزارات مثل وزارة الري والموارد المائية.

5- تطوير المناهج الدراسية التي تتلاءم والتطور التكنولوجي الحادث، وإعداد مقررات تتناول ريادة الأعمال، والتعامل مع المشروعات الصغيرة، وتوفير بعض المقررات الدراسية التي تمكن الطلاب من فهم أفضل لعمية التنمية، وكيفية الانخراط في سوق العمل ومنها على سبيل المثال مقررات للإرشاد الزراعي، والتنمية الريفية.

6- توفير الأجهزة والمعدات والتسهيلات اللازمة للطلاب، إلى جانب توفير المرافق التعليمية من فصول، ومعامل، وأراضي زراعية وغيرها، والتي يمكن للطلاب التدريب العملي فيها.

7- الاهتمام بعملية التدريس، وتأهيل المعلمين وتدريبهم من الناحية التربوية والناحية العلمية، وأن يكون واضح لديهم أهداف التعليم الزراعي.

8- توفير التدريب لطلاب التعليم الفني الزراعي، في المعاهد والمعامل البحثية التابعة لمركز البحوث الزراعية، ومركز بحوث الصحراء، ووجود قنوات للتواصل مع كليات الزراعة.

9- التوعية بأهمية التعليم الفني الزراعي، ومستقبله.

10- إعطاء الأولوية للمحافظات الأفقر، والتي كانت أقل من نظيرتها في أبعاد عملية التعليم المرتبطة باحتياجات سوق العمل.

ويتبدى في النهاية أهمية التعليم الفني الزراعي الذي يمثل استثمارا استراتيجيا في تنمية القطاع الزراعي المصري وتعزيز قدرته التنافسية، كما يمثل ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد الزراعي في مصر بوجه عام، وتحقيق التنمية المستدامة. من خلال تزويد الأفراد بالمهارات والمعرفة اللازمة، مما يمكِّن من تحسين الإنتاج والإنتاجية الزراعية، وتلبية احتياجات سوق العمل، وتعزيز الأمن الغذائي والبيئي، وتحسين مستويات المعيشة في المناطق الريفية، مما يسهم في بناء مستقبل أفضل للقطاع الزراعي في مصر.

(*) التعليم الفني الزراعي وعلاقته باحتياجات سوق العمل في جمهورية مصر العربية، المجلة المصرية للعلوم التطبيقية، مجلد 34، عدد 12، 2019.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى