صحة

«البيكان» بديل اقتصادي وتغذوي للجوز في الزراعة المصرية

إعداد: أ.د.وفاء علي عبدالرحمن أمين

رئيس بحوث متفرغ بقسم بحوث الحاصلات البستانية – معمل الإسكندرية بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية

ينتمي البيكان (Carya illinoensis) إلى عائلة الجوز (Jugladaceae)، وقد صنّفه علماء النبات الأوائل على أنه جوز juglans illinoensis، ويتبع جنس Carya. وكلمة Carya مشتقة من الاسم اليوناني القديم Karyen وهي تعني Nut، أما illinoensis فهي ترجمة لاتينية لكلمة illinsis نسبة إلى قبيلة الينوي الهندية التي كانت تعيش في إحدى ولايات أمريكا، ولهذا لم يعرف العالم البيكان إلا بعد اكتشاف القارة الأمريكية. ويعتبر الهنود الحمر أول من عرفوه، حيث وُجدت أشجاره منزرعة بريًا، ثم انتشر في أنهار المسيسيبي وأوهايو وميسوري وريد، بالإضافة إلى روافد الأنهار الكبيرة في تكساس وشمال المكسيك. ولذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي الموطن الأصلي للبيكان، ومنها انتشر إلى أنحاء العالم. كما يُزرع البيكان تجاريًا في أستراليا وجنوب أفريقيا وإسرائيل والأرجنتين وتشيلي والبرازيل.

البيكان لفظ هندي قديم أُطلق تمييزًا له عن مجموعة “النقل” التي ينتمي إليها، وهي: البندق، الفستق، اللوز، الجوز (عين الجمل)، وجميعها ثمار تُستخدم جافة.

ويُعتبر البيكان بديلاً للجوز (عين الجمل) الذي يتم استيراده من الخارج. عُرفت زراعة أشجار البيكان في مصر في القرن العشرين الماضي، حيث وُجد بعضها مزروعًا في مناطق متفرقة. يُعد البيكان من الأشجار المتساقطة الأوراق، إلا أنه يُزرع بنجاح في المناطق شبه الاستوائية. وتتركز حوالي 400-500 فدان مزروعة بالبيكان في مصر بمحافظة القليوبية (منطقة الجبل الأصفر والقناطر الخيرية) وفي بعض المناطق المتفرقة الأخرى.

الوصف النباتي للثمرة:

الثمرة بندقة (nut)، الغلاف الخارجي لحمي ويسمى Hull، وهو عبارة عن المحيط الزهري ويتكون من 4 مصاريع تكون ملتحمة قبل نضج الثمرة وتتفتح عند النضج، ويُعد ذلك علامة هامة من علامات نضج ثمار البيكان.

الثمار الناضجة على الشجرة
الغلاف الصلب بداخله اللب

يتضح من الصور أن الثمار لها غلاف خارجي لحمي Hull مكوّن من 4 مصاريع، وغلاف البذرة يتكون من الـ exocarp وmesocarp متحدين ويكوّنان غلافًا صلبًا متخشبًا يسمى Shell. بداخل الغلاف يوجد الجنين وهو الجزء اللحمي الذي يؤكل ويتكون من فلقتين تُسمى Kernel، وامتلاء هذا الجزء (الجنين) يحتاج إلى صيف طويل حار.

جمع الثمار والتخزين:

يتم جمع الثمار ابتداءً من أواخر أكتوبر حتى آخر نوفمبر عندما يكون الجو جافًا، وذلك طبقًا للصنف. ويتم الجمع إما يدويًا أو آليًا باستخدام الجمع الميكانيكي. عمومًا إذا ما تُركت الثمار على الأشجار فهي تجف وتسقط تلقائيًا، ويجب جمعها من الأرض أولًا بأول. وإذا تعرضت الثمار للرطوبة العالية فإنها تأخذ اللون الداكن بالإضافة إلى الإصابة بالعفن. (وُجد أن الرطوبة للنقل عمومًا يجب ألا تزيد عن 4.5%). ويكتسب اللحم الطعم المر لامتصاصه التانينات الموجودة بالقشرة، ويجب ألا تزيد الرطوبة في الثمار عن 8%.

ويلي عملية الجمع مباشرةً تجفيف الثمار، وهي عملية هامة تعمل على تحسين جودة الثمار من حيث المظهر والطعم والنكهة والملمس وعدم تزنخها أثناء التخزين. وأفضل نسبة رطوبة للتخزين هي 3.5-4.5%. وعموماً يُنصح بجمع المحصول في بداية تفتح الغلاف الخارجي (Hull). وقد وُجد من الدراسات أن ثمار البيكان يمكن أن تُخزن على درجة -18م° لمدة 6-10 سنين، بينما التخزين على 3م° يصل إلى 18 شهرًا.

التركيب الكيماوي والقيمة التغذوية:
يتضح من الدراسات ما يلي:

  • على أساس الوزن الجاف، فإن الدهن يمثل المكون الأعلى حيث يتراوح بين 58.06 – 78.02%، ويُعتبر البيكان مصدرًا للبروتين (9.66 – 17.34%).

  • كما يُعد مصدرًا للألياف الغذائية والمعادن (كالسيوم – حديد – فوسفور – بوتاسيوم – ماغنسيوم – زنك) والفيتامينات، وهو مصدر ممتاز لفيتامين (هـ)، وبصفة خاصة جاما توكوفيرول.

  • أكثر الأحماض الدهنية غير المشبعة تواجدًا بدهن البيكان هو حمض الأوليك، حيث تراوحت نسبته بين 40.89 – 69.73% من إجمالي الأحماض الدهنية. كما يتميز بانخفاض محتواه من حمض اللينولينيك 18:3 (0.78 – 1.92%)، مثل الكثير من زيوت الخضروات الأخرى مثل زيت بذرة القطن (0.1%)، وزيت عباد الشمس (0.2%)، وزيت الذرة (0.9%).

  • وجد العلماء أن تناول البيكان يمكن أن يخفض ويقلل مخاطر أمراض القلب المزمنة، حيث يؤثر بصورة معنوية في خفض الكوليسترول الكلي والضار.

وتتميز ثمار البيكان عن ثمار الجوز (عين الجمل) في الآتي:

1- نجاح زراعته في مصر منذ زمن.
2- رخص ثمنه مقارنة بثمار “النقل” الأخرى التي تُستورد من الخارج.
3- يتحمل التخزين لفترة طويلة، ويرجع ذلك إلى تركيب زيت البيكان واحتوائه على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، وأيضًا التحام القشرة الصلبة في ثمرة البيكان مما لا يعطي فرصة لحدوث التزنخ.
4- ثمار البيكان سهلة الجمع.
5- سهلة التقشير (التكسير).
6- له صافي لب عالٍ.
7- يُعد البيكان الأعلى بين كل “النقل” (Nut) من حيث احتوائه على مضادات الأكسدة، حيث يُعتبر مصدرًا غذائيًا مهمًا منها لوجود المركبات الفينولية ذات الكفاءة العالية كمضادات أكسدة.
8- الدهون غير المشبعة في البيكان تحمي من الأكسدة بفضل وجود تركيزات عالية من مضادات الأكسدة.
9- وجد العلماء أن تناول البيكان يؤثر بصورة معنوية في خفض الكوليسترول الكلي والضار.

ولكل المميزات السابقة، فإذا اتجهت البلاد إلى زيادة المساحة المنزرعة منه فقد يزيد الناتج ويكفي للاستهلاك المحلي، مما يقلل أو يُغني الدولة عن استيراد أنواع “النقل” الأخرى مثل البندق أو الجوز.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى