البيئة

الاقتصاد الأخضر.. الأهمية والمتطلبات لحماية البيئة من التدهور

كتبت: د.رندا يوسف مع تزايد الضغوط على البيئة نتيجة الالتزامات والنشاطات المختلفة التي تخدم الاقتصاد خاصة في الدول الصناعية الكبرى.. بدأ يظهر مفهوم الاقتصاد الأخضر وهو يعني تحقيق النمو والتنمية المستدامة دون الإخلال بالنظام البيئي، وكذلك توفير المساعدات والمنح للدول الفقيرة من أجل النهوض بالتعليم والصحة والبنية الأساسية وبذلك تتحقق العدالة والمساواة في التنمية.

د.رندا يوسف، باحث بقسم الدراسات الاجتماعية شعبة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بمركز بحوث الصحراء

كلمة الأخضر تعني هو كل ما يوجد في البيئة ولكن بشرط أن يكون صديق لها ولا يسبب لها أية تلوثات أو علي الأقل لا يضيف أو يزيد علي البيئة المزيد من الأعباء التي تضرها أكثر أو يؤدي الي تدهورها. لذلك ظهر الاقتصاد الأخضر من اجل الحفاظ علي البيئة وحتي يحمي البيئة العالمية من التدهور.

للاقتصاد الأخضر اهمية كبيرة وواضحة في الحفاظ علي البيئة فإنه يعمل علي تحقيق التنمية المستدامة التي تؤدي إلى تمكين العدالة الاجتماعية مع العناية في الوقت ذاته بالرخاء الاقتصادي، وذلك من خلال تبني مشروعات تعني بالاستدامة مثل الانتاج النظيف والطاقة المتجددة والاستهلاك الرشيد والزراعة العضوية وتدوير المخلفات مع التقليل من انبعاثات الغازات الضارة (الكربون) واستبدال الوقود الاحفوري، ايضا ارتفاع معدلات العمالة ومعدلات النمو الاقتصادي وزيادة الدخل للاسر الفقيرة والعمل علي تقليل الفجوة بين الاغنياء والفقراء.

اقرأ المزيد: “زراعة الأسطح” روشتة علاج ظاهرة “الاحتباس الحراري”

أهمية الاقتصاد الأخضر

1ـ الاقتصاد الاخضر محوري لازالة الفقر: يعد الفقر المستدام اكثر صور انعدام العدالة الاجتماعية وضوحا لما له من علاقة بعدم تساوي فرص التعليم والرعاية الصحية وتوفير القروض وفرص الدخل وتأمين حقوق الملكية لذلك يساهم الاقتصاد الأخضر في التخفيف من حدة الفقر من خلال الادارة الحكيمة للموارد الطبيعية والانظمة الايكولوجية وذلك لتدفق المنافع من رأس المال الطبيعي وايصالها مباشرة الي الفقراء، بالإضافة إلى توفير وزيادة وظائف جديدة خاصة في قطاعات الزراعة والنباتات والطاقة والنقل والصحة وذلك ضروريا وخاصة في الدول منخفضة الدخل ويمكن ذلك من خلال:

ـ تخضير الزراعة في الدول النامية والتركيز علي صغار الملاك؛ يمكن ان يقلل الفقر مع الاستثمار في رأس المال الطبيعي الذي يعتمد عليه الفقراء.

ـ ان زيادة الاستثمار في الاصول الطبيعية التي يستخدمها الفقراء لكسب معيشتهم تجعل التحرك نحو الاقتصاد الأخضر يحسن المعيشة في الكثير من المناطق منخفضة الدخل.

ـ ان الاستثمار في توفير المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي للفقراء يمثل في العديد من البلدان النامية واحدة من اكبر الفرص للاسراع في الاقتصاد الأخضر.

اقرأ المزيد: «ألوان الاقتصاد السبعة أفضلهم الأخضر»

ـ يمكن للطاقة المتجددة ان تؤدي دورا فعال التكلفة ضمن اسراتيجية لانهاء فقر الطاقة.

ـ واخيرا يمكن لتنمية السياحة اذا حسن تصميمها ان تدعم الاقتصاد المحلي وتقلل من الفقر.

2ـ الاقتصاد الأخضر يخلق فرص العمل ويدعم المساواة الاجتماعية: في الوقت الذي اتجه الاقتصاد العالمي الي ازمة الكساد عام 2008 متاثرا بازمه البنوك والقروض تصاعد القلق من فقدان الوظائف وكان لابد ان نتوجه الي فرص التوظف التي يوفرها لنا تخضير اللاقتصاد وذلك من خلال:

ـ ان التحول الى الاقتصاد الأخضر يعنى ايضا تحولا فى التوظيف الذى يخلق عددا مماثلا على الاقل من الوظائف التى يخلقها نهج العمل المعتاد، ولكن المكاسب الاجمالية في التوظف طبقا لسيناريو الاستثمار الأخضر يمكن ان تكون اعلي وستشهد قطاعات الزراعة والمباني والجراحة والنقل وفي سيناريوهات الاستثمار الأخضر نموا في الوظائف علي المدي القصير والمتوسط والبعيد يفوق نظيره في سيناريوهات نهج العمل المعتاد.

ـ ان تخصيص 1% علي الاقل من الناتج المحلي الاجمالي العالمي لرفع كفاءة الطاقة وتوسع في استخدام الطاقة المتجددة سيخلق وظائف اضافية مع توفير طاقة تنافسية، وبنمو الوظائف في مجالي ادارة المخلفات وتدويرها لتتمكن من التعامل مع المخلفات الناتجة عن نمو الدخل والسكان علي الرغم من وجود تحديات معتبرة في هذا القطاع فيما يتعلق بالوظائف الكريمة.

ـ سيشهد التوظف المرتبط بتخضير قطاعات المياه ومصايد الاسماك تعديلا مع الوقت تحتمه الحاجة للمحافظة علي الموارد.

3ـ الاقتصاد الأخضر يستبدل الوقود الأحفوري بالطاقة المستدامة والتقنيات منخفضة الكربون: ان زيادة المعروض من الطاقة عن طريق المصادر المتجددة تقلل من مخاطر أسعار الوقود الأحفوري المرتفعة وغير المستقرة بالاضافة إلى تقديم فوائد تشير الى ان الطاقة المتجددة تمثل فرصا اقتصادية رئيسية.

اقرأ المزيد: هل زراعة الغابات يمكن أن تساعد في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري؟

كما يتطلب تخضير قطاع الطاقة استبدال الاستثمارات في مصادر الطاقة المعتمدة بشدة علي الكربون باستثمارات الطاقة النظيفة وتحسين الكفاءة وبهذا لسياسية الحكومة دور كبير تؤدي إلى تحسين حوافز الاستثمار في الطاقة المتجددة وذلك من الحوافز المرتبطة بزمن ومن اهمها التعريفة التفصيلية فإمدادات الطاقة المتجددة والدعم المباشر والاستقطاعات الضريبية يمكن ان تجعل نموذج المخاطر للاستثمار فى الطاقة المتجددة اكثر جاذبية.

4ـ الاقتصاد الأخضر يشجع تحسين كفاءه الموارد والطاقة: يمكن للاقتصاد الأخضر أن يشجع من كفاءة الموارد وذلك بداية من انه سوف يواجه التصنيع العديد من التحديات والفرص السانحة لتحسين كفاءه الموارد وهناك العديد من الادلة علي ان الاقتصاد العالمي لا يزال لديه فرصة غير مستغلة لانتاج الثروة باستخدام قدر اقل من موارد الطاقة والمواد، ويمكن تحقيق كفاءه الموارد من خلال فك الارتباط بين النفايات وبين النمو الاقتصادي وارتفاع مستوي المعيشة امر محوري لتحقيق كفاءه الموارد، واخيرا يمكن ان تساهم في تقليل المخلفات وزيادة كفاءة انظمة القطاع والزراعة في تأمين الأمن الغذائي العالمي الان وفي المستقبل.

5ـ الاقتصاد الأخضر يعطي معيشة حضرية أكثر استدامة وتنقلا مع خفض الكربون: تمثل المناطق الحضرية 50%من تعداد العالم ولكنها تمثل 60-80% من استهلاك الطاقة و75% من انبعاث الكربون، وبضغط الميل لزيادة المناطق الحضرية على موارد المياه العذبة وانظمة الصرف الصحي والصحة العامة الذى عادة ما ينتج عنه ضعف في البنية التحتية وانخفاض في الاداء البيئي وتكاليف باهظة للصحة العامة وعلي هذه الخلفية توجد بعض الفرص الفريدة لتزيد المدن من كفاءه الطاقة والانتاجية وتقليل من الانبعاث في المباني وكذلك المخلفات لترويج الوصول الي الخدمات الاساسية؛ عن طريق اساليب نقل مبتكرة ومنخفضة الكربون مما يوفر ويحسن من الانتاجية والشمول الاجتماعي في نفس الوقت، ويمكننا ان نشجع المدن الخضراء ليزيد من الكفاءه والانتاجية أيضا … وفي العقود القادمة ستشهد المدن توسيعات سريعة واستثمار متزايدا وبخاصة في الاقتصاديات الناشئة ويعد تاثير المباني جزء من جهود بناء المدن الخضراء عاملا مهما في انبعاث الاحتباس الحراري لذلك يمكن لبناء مساكن خضراء جديدة وتطوير المباني الحالية عالية الاستهلاك للطاقة والموارد ان يحقق وفرا ملموسا، اما بالنسبة لقطاع النقل تعتبر الاشكال الحالية المبنية علي العربات الخاصة ذات المحركات مسببا رئيسا لتغير المناخ والتلوث والمخاطر الصحية.

اقرأ المزيد: تحذير: الاحتباس الحراري لم يعد مزحة

متطلبات التحول إلى الاقتصاد الأخضر

لكي تتحول الدولة من اقتصاد متخلف او راكد الي اقتصاد اخضر مزدهر قليل الانبعاثات يشمل كيان الدولة ككل ويجعلها متقدمة ويحافظ علي البيئة ويتم الاستفادة من الفوائد التي تتحقق من تخضير الاقتصاد فعليها بعدة اشياء اهمها:

1ـ ان تقوم الدولة بتنمية الريف عن طريق الاهتمام بالزراعة والمحافظة علي الغابات واستخدامها كموارد هامة في الدولة وتحسين مستوي المعيشة لدي سكان الريف.

2ـ الاهتمام بالموارد المائية ومعالجة المياه غير النظيفة وترشيد الاستهلاك والعمل علي الحفاظ علي الموارد المائية ومنعها من التلوث.

3ـ مراجعة السياسات الحكومية وجعلها سياسات خاضعة لنظام الاقتصاد الأخضر فاذا كانت سياسة ديكتاتورية يجب تغيرها الي سياسة ديمقراطية والعمل ف سياسة السوق لتشجيع الانتاج.

4ـ علي الاقتصاد الاخضر ان يعترف بالسياسة الوطنية علي الموارد الطبيعية وان يركز علي كفاءتها وان يجعل الانتاج انتاج دائم ومستدام.

5ـ عدم فرض قيود علي التجارة الدولية وعلي الاقتصاد الأخضر معالجة التشوهات التجارية كالضرائب المفروضة علي الصادرات والواردات.

6ـ ان تقوم الدولة بالتصدي لمشكلة النفايات والعمل علي معالجتها واعادة تصنيعها مرة اخري وجعلها مورد بدل من كونها تسبب تلوث للبيئة.

7ـ وضع خطة للعمل علي تطوير الكربون واستخدام تكنولوجيا ذات كفاءة مرتفعة.

8ـ دعم قطاع النقل الجماعي.

9ـ حسين التعليم وتشجيع الابتكار.

10ـ مشاركة القطاع الخاص للقطاع العام.

اقرأ المزيد: مبادرة إنشاء حزب الاقتصاد الأخضر

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى