«الإنتاج الحيواني» في القرن الـ21.. تحديات وفرص
أ.د.فاطمة السيد سبع
أستاذ رعاية الحيوان بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني – مركز البحوث الزراعية
يواجه الإنتاج الحيواني في القرن الـ21 عديد من التحديات غير المسبوقة والتي هي غالبا من صنع البشر دون النظر الي حجم الكارثة الفعلية لهذه الافعال، والتي قد تتمثل في زيادة أعداد السكان وأخص بالذكر العداد غير الموظفة توظيف فعلي, فقد يكون زيادة عدد السكان جزء هام من التنمية اذا ما وجهت التوجيه الصحيح من حيث التعليم والتدريب وخلافه من أساليب تنمية الطاقة البشرية والاستفاده منها.
تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك
كذلك التغيرات المناخية المتصاعدة والتي تمثل تحديا كبيرا جدا فى الانتاج الحيواني من حيث تأثيرها علي أنواع الغذاء المتوفر وتطور العترات المرضية وتطور الأمراض الحيوانية.. جميع هذه العوامل تؤثر سلبا علي الانتاج الحيواني بشكل عام الا أنه مازالت هناك فرصة لمواجهة هذه التحديات والتي سنحاول إلقاء الضوء عليها في محاولة لتحسين الكفاءة والاستدامة.
الإنتاج الحيواني
هو كل ما يمثلة الانتاج الزراعي من أنواع مختلفة من الحيوانات وانتاجيتها سواء كانت حيوانات مجترة كبيرة مثل الابقار والجاموس او مجترات صغيرة مثل الأغنام والماعز ومنتجاتها من البان ولحوم أو الانتاج الداجني ومنتجاتها من لحوم بيضاء وبيض بالاضافة الي قطاع الثروة السمكية.
يشكل الإنتاج الحيواني 35% من الإنتاج الزراعي ويمثل الدخل الزراعي 30% من الدخل القومي وترجع أهميته إلي توفير البروتين اللازم للإنسان، علاوة على ما يمده من الصوف والجلود والزبد ويعمل علي حل جزء من مشكلة البطالة، حيث يتم تشغيل الشباب والخرجين ذوى الخبرة كذلك فان السماد والناتج منه يعتبر ضروريا لتسميد التربة وزيادة خصوبتها.
علاوة على مقدرة الحيوانات الاستفادة من المواد الفقيرة نسبيا مثل الأعشاب ومخلفات المحاصيل ومخلفات المصانع الغذائية وتحويلها الى منتج عالى القيمة الغذائية مثل اللحوم ومنتجات الألبان كما يعتبر كذلك تعتبر جزءا أساسياً من ثروة الفلاح.
من هذا المنطلق لابد ان نهتم ونعي ما أهم التحديات التي تواجه الانتاج الحيواني وفرص تجاوزها للوصول إلي المستهدف من التنمية في هذا القطاع الهام فالأمن الغذائي جزء هام من الأمن الوطني.
أولا: التحديات البيئية
1ـ التغير المناخي: لا يخفي علي أحد ونشعر به فى وقتنا هذا من زيادة درجات الحرارة وتغير أنماط سقوط الأمطار من حيث معدل سقوط الأمطار بل وأماكن السقوط، ولهذا فإن هناك تخوفا من حدوث تصحر في بعض أماكن كانت تشتهر بزيادة معدلات سقوط الأمطار وتأثير هذا الأمر علي الحيوانات بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال تأثيراتها علي المحاصيل العلفية نوعا وتركيبا مما يؤدي اختلاف أنماط التغذية التي تؤثر علي الحيوان بشكل مباشر.
2ـ نقص الموارد المائية لري المحاصيل والشرب.
3ـ التغير البيولوجي والذي يتمثل في اختفاء أنواع من الحيوانات والمحاصيل وظهور اخرى.
4ـ تلوث التربة والبيئة نتيجة استخدام الأسمدة والمبيدات المختلفة بشكل عشوائي.
ثانيا: التحديات الاقتصادية والاجتماعية
يواجه الانتاج الحيواني والعمل علي زيادة الثروة الحيوانية حاليا العديد من التحديات الاقتصادية والتي ثؤثر علي استدامة وربحية هذا القطاع ومن أهمها:
1ـ زيادة التكاليف الانتاجية من حيث زيادة أسعار الأعلاف والخامات التي تدخل في صناعتها وتكلفة الانتاج بشكل عام.
2ـ تقلبات السوق وتأثير العرض والطلب والمنافسة العالمية في سوق المنتجات الحيوانية والتي تؤثر علي الاسعار بشكل عام وتؤثر علي حركتي الاستيراد والتصدير.
3ـ السياسات الحكومية والتي تتمثل في نقص فرص التمويل لمشاريع الانتاج الحيواني او زيادة فرض الضرائب والرسوم مما يؤثر علي تكلفة الانتاج الحيواني وربحيته.
4ـ عدم توفر البنية التحتية للنقل والتخزين وزيادة تكاليفها.
لابد ان نعي ان الحالة الاجتماعية للمنتج أو المستهلك تؤثر علي الانتاج الحيواني ويعتبر تحديا كبيرا من حيث:
1ـ السلوك الاستهلاكي للمستهلك والذي يؤثر علي نوعية المنتج وكميته.
2ـ كذلك المربي وحالته الاجتماعية ووعيه والذي يؤثر بشكل مباشر علي الحيوانات المرباة ومدي اهتمامه ورعايته لها وتوفير الظروف الصحية المناسبة، ولهذا فالمربي يمثل تحديامباشرا علي الانتاج الحيواني وتعزيز فرص الاستدامة.
3ـ عدم الاهتمام بدعم وتعزيز دور المرأه وخاصة في المناطق الريفية.
هذه كانت بعض من التحديات الاقتصادية التي تواجة الانتاج الحيواني ومشاريع التنمية المستدامة في الوقت الراهن وتختلف من بلد لاخر ولكنها تؤثر وبشكل مباشر علي استدامة وربحية القطاع.
تالثا: التحديات الصحية
التحديات الصحية هي واحده من اهم التحديات التي تؤثر علي قطاع الانتاج الحيواني وتعتبر عائق في التنمية المستدامة:
1ـ تحديات تشمل صحة الحيوان من حيث ظروف المعيشة وتوفر االظروف البيئية والتغذية المناسبة تبعا لنوع ومرحلتة الانتاجية او نقص الرعاية البيطرية والتي من شأنها ظهور الامراض الحيوانية المختلف والتي تعتبر تحد كبير للانتاج الحيواني.
2ـ التلوث البيئي مثل التلوث المائي والهوائي والترابي.
3ـ فرضية انتقال أمراض من الحيوان إلى الإنسان المخالط أو تلوث الأغذية بالبكتيريا والفيروسات واستعمال المضادات الحيوية بشكل غير مناسب وزيادة المقاومة للمضادات الحيوية.
4ـ نقص أعداد البيطريين المؤهلين حيث يمثل غياب البيطري المؤهل من أهم التحديات التي تواجه الانتاج الحيواني في الوقت الراهن.
استعرضنا بشكل مبسط أهم التحديات التي تواجه الانتاج الحيواني والتي يستلزم لها تكاتف الجهود لإيجاد حلول لتلك التحديات والعمل علي إيجاد فرص لزيادة الانتاجية سواءا كانت زيادة رأسية بزيادة انتاجية الرأس الواحدة أو زيادة أفقية بزيادة أعداد الحيوانات بشكل علمي ومدروس عن طريق تقديم بعض الحلول أو التوصيات للتغلب علي تلك التحديات وأهمها:
أولا: الحلول البيئية
1ـ ادارة الموارد المائية واستخدام تقنيات الري الحديثة والعمل علي تخفيض الاستهلاك المائي.
2ـ تقليل تلوث التربة والبيئة بتقليل استخدام الأسمدة والمبيدات الكيميائية.
3ـ تطبيق ممارسات الزراعة العضوية والزراعة الدقيقة والزراعة الحيوية.
4ـ العمل علي الحفاظ علي التنوع البيولوجي وتعزيز التنوع الجيني.
ثانيا: الحلول الاقتصادية
1ـ العمل علي تقديم الدعم المناسب للمربي مع تقليل الضرائب والرسوم علي المنتجات الزراعية.
2ـ توفير التمويل اللازم للزراع والمنتجين بفوائد مخفضة.
3ـ تعزيز التجارة الدولية وتحسين البنية التحتية للنقل لتقليل تكلفة النقل.
4ـ تطبيق التكنولوجيا في مجال الإنتاج الحيواني.
5ـ الاهتمام بدعم وتعزيز دور المرأه وخاصة في المناطق الريفية، حيث تمثل دورا هاما في الزراعة والانتاج الحيواني من خلال توفير الفرص التعليمية والاهتمام بعمل دورات تدريبة ومشاريع تمويلية صغيرة لرفع وتعزيز دورها.
مُلخص ما يمكن عمله من فرص لزيادة الإنتاج الحيواني وتحقيق التنمية المستدامة
1ـ من خلال تقديم الاجراءات الداعمة لتنمية الثروة الحيوانية وحمياتها متمثلة في الرصد والمتابعة المستمرة للحالة الصحية للحيوانات في مصر ومراقبة الحدود ومحاصرة البؤر المرضية لمنع انتشار الامراض والاوبئة وزيادة الرقابة علي خامات الاعلاف والاضافات العلفية المستوردة وتطبيق نظم الجودة والامان الحيوي بالمعامل والمزارع.
2ـ تعزيز البحث العلمي لتحسين الانتاج الحيواني ودراسة تاثير التغيرات المناخية عليه مع العمل علي تطوير تقنيات جديدة لتحسين الانتاج وتعزيز التعاون بين الجامعت والمراكز البحثية وتفعيل الدور الاشادي للعمل علي توصيل الحزم الفنية من العلماء الي المنتجين.
3ـ العمل علي إنشاء مراكز تدريب للزراع والعاملين في مجال الإنتاج الحيواني لتحسين مهاراتهم ويقوم معهد بحوث الانتاج الحيواني بالعمل في هذا المجال من عقد الدورات التدريبية المتخصصة في جميع أفرع الانتاج الحيواني سواء بالمركز الرئيسي أو المحطات الموجودة في أغلب المحافظات مع توفير الدعم الفني والمشورة والعمل علي إنشاء برامج لتحسين الجودة.
4ـ استخدام التكنولوجيا والمزارع الذكية لتحسين الإدارة والرقابة ورعاية الحيوانات والتحكم في مدخلات ومخرجات العملية الانتاجية.
5ـ انشاء قاعدة للبيانات دقيقة لعمل حصر شامل للثروة الحيوانية وتوزيعها في مصر وأماكن تمركز السلالات المحلية والمستوردة وتحديد احتياجاتها مع التخطيط لتحديد الاحتياجات وتحديد اللانتاج الفعلي والكميات المسموح باستيرادها بما يحقق التوازن المطلوب.
6ـ تحسين السلالات المحلية من خلال رفع انتاجية الرأس من الانتاج الحيواني مع العمل علي تطوير مراكز التلقيح الاصطناعي وبرامج التحسين الوراثي المختلفة وتدريب وإعداد ملقحين اصطناعين وإكسابهم الخبرة الللازمة لنشر الوعي مع تدريب صغار المربين علي برامج التغذية والرعاية للقطعان بما يتناسب مع نوعية السلالات والغرض من التربية.
7ـ العمل علي زيادة الوعي لدي المستهلكين لتغيير الأنماط الاستهلاكية.
وبالتالي فإن التحديات التي تواجه الانتاج الحيواني في القرن الحادي والعشرين تحديات معقدة تتطلب تكاتف الجهود لايجاد حلول متكاملة للعمل علي تعزيز الانتاج الحيواني، حيث يعد الانتاج الحيواني بالغ الاهمية لتحقيق المستهدف من الامن الغذائي ولذلك يجب علي الحكومات والهيئات الدولية والقطاع الخاص التعاون لتحقيق هذه الاهداف وتحسين الانتاج الحيواني لضمان مستقبلنا الغذائي.
المراجع:
ـ منظمة الأغذية العالمية (FAO).
ـ وزارة الزراعة واستصلاح الاراضي (الخطة الاستراتيجية للانتاج الحيواني 2020).
ـ البنك الدولي (2020) التنمية المستدامة للانتاج الحيواني.
ـ المنظمة العربية الزراعية (استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامه 2030).