الأمراض المنقولة باللبن.. وكيفية الوقاية منها لضمان غذاء آمن

إعداد: د.جهاد كمال علي المنوفي
باحث بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية
يُعتبر اللبن من الأغذية ذات القيمة الغذائية العالية، وذلك نظرًا لما يحتويه من مكونات ذات خصائص غذائية وحيوية، والتي من أهمها البروتين، وتَرجع أهميته إلى أنه يحتوي على كميات مختلفة من الأحماض الأمينية الأساسية مثل التربتوفان، والميثيونين، والليسين، والسيستئين، والفالين، والفنيل آلانين.
أيضًا دهن اللبن يحتوي على أحماض دهنية هامة، بالإضافة إلى الفيتامينات الذائبة فيه مثل A، D، E، K. ومن ضمن المكونات المتواجدة باللبن سكر اللاكتوز، وهو المصدر الكربوهيدراتي باللبن، ويحتوي على نوعين من السكر هما الجلوكوز والجالاكتوز، والأخير يُعتقد أنه مصدر تخليق جالاكتوسيدات المخ والأنسجة العصبية. كما أن اللبن يُعتبر مصدرًا جيدًا للكالسيوم، والفوسفور، وفيتامين (د) المهمين لصحة العظام في جميع الفئات العمرية، بالإضافة إلى احتواء اللبن على عناصر غذائية في صورة تسهل امتصاصها والاستفادة منها، ولذلك أُطلق على اللبن “الغذاء الكامل”.
ولكي نستفيد من تلك القيمة الغذائية، لابد أن يكون اللبن سليمًا، ويُقصد بذلك أن يكون خاليًا من الميكروبات التي تُسبب أمراضًا للإنسان.
ولأن اللبن يُعتبر بيئة مناسبة لنمو وتكاثر الكثير من البكتيريا وبعض الأحياء الدقيقة الأخرى مثل الفطريات والفيروسات، وذلك بسبب احتوائه على الماء والعناصر الغذائية المختلفة ودرجة الـ pH القريبة من التعادل، والتي تُعتبر مناسبة لنمو وتكاثر العديد من الميكروبات، واحتوائه أيضًا على سكر اللاكتوز القابل للتخمر بفضل هذه الميكروبات، لذلك من الضروري الاهتمام باستخدام معاملات تحدّ من نشاط وتكاثر هذه الميكروبات مثل معاملات التبريد والمعاملات الحرارية المتمثلة في البسترة والتعقيم للقضاء على هذه الميكروبات والإقلال من نشاطها حتى لا يصبح اللبن مصدرًا ناقلًا لكثير من الأمراض التي تُنقل عن طريق اللبن ومنتجاته.
وفيما يلي الأمراض التي تُنقل عن طريق الحيوانات الحلوب:
1- مرض السل
يسببه بكتيريا تُسمى Mycobacterium tuberculosis، وهو يحدث في الإنسان وسببه الرئيسي تناول اللبن الخام الناتج من حيوانات مصابة بهذا الميكروب، ولكن من رحمة الله لنا أن هذا الميكروب يُباد بحرارة البسترة وهي 65م/30 دقيقة أو 72م/15 ث.
2- مرض حمى الضرع
وهو من أكثر الأمراض شيوعًا التي تُصيب الحيوانات عالية الإدرار نتيجة انتقال البكتيريا للحيوان الحلوب وإصابة ضرعه، أو نتيجة لتلوث آلات الحليب بهذا الميكروب.
والإصابة بمرض التهاب الضرع تؤثر على تركيب اللبن، حيث تقل به نسبة الكازين واللاكتوز والكالسيوم والماغنيسيوم، وترتفع به نسبة الصوديوم والكلور وبروتينات الشرش، كما ترتفع معه قيمة الـ pH، حيث إن هذه التغيرات تؤثر على تصنيعه أو تناوله. ويوجد أنواع عديدة من البكتيريا المسببة لهذا المرض، ولكن الذي يهمنا هذا النوع Streptococcus pyogenes الذي يُسبب بعض الأمراض للإنسان والحيوان.
3- الحمى المالطية
ويسببها بكتيريا Brucella suis وBrucella abortus، ويُعتبر النوع الأول أشد خطورة. وهي تُصيب الإنسان عند تناول لبن خام غير مُعامل حراريًا يُفرز من حيوان مصاب بهذا الميكروب، وإذا وُجدت هذه البكتيريا فإنها تُنقل إلى النواتج اللبنية الأخرى مثل القشدة والزبدة.
4- الحمى القلاعية (Foot and Mouth Disease)
يُعد هذا المرض فيروسيًا يُصيب الأبقار، ومنه ينتقل إلى الإنسان عن طريق اللبن المُفرز من حيوانات مصابة، وعادة تكون الإصابة شديدة في الأطفال وتكون أخف وطأة في الأشخاص البالغين.
5- التسمم الغذائي
يحدث في حالة تلوث اللبن بجنس Staphylococcus، وعند توافر الظروف الملائمة تبدأ البكتيريا بالتكاثر وإفراز السموم، وعند استهلاك اللبن تحدث الإصابة من صداع وقيء وإسهال. وعند بسترة اللبن المصاب فإن درجة حرارة البسترة تقضي على هذا الميكروب، ولكنها لا تقضي على السم المُفرز في اللبن.
6- الدفتريا
ويسببها النوع Corynebacterium diphtheriae.
7- التفحم الدموي أو الجمرة الخبيثة
ويسببها النوع Bacillus anthracis.
الأمراض التي تُنقل مباشرة أو غير مباشرة من الإنسان إلى اللبن
وذلك عندما يتعامل الإنسان مع اللبن وهو مريض ودون اتباع الشروط الصحية مثل ارتداء الماسك أو القفازات.
ويقصد بالانتقال المباشر تلوث اللبن من الإنسان المصاب أو حامل المرض، أما الانتقال غير المباشر فيقصد به تلوث اللبن من الأواني والأدوات المستخدمة في تناوله.
ومن أهم هذه الأمراض:
1- حمى التيفود والبارتيفود
حمى التيفود يسببها بكتيريا Salmonella typhosa،
وحمى البارتيفود يسببها بكتيريا Salmonella paratyphi،
وهي تُنقل من الأشخاص المصابين أو حاملي المرض، وتنتشر جراثيمها إلى المنتجات اللبنية مثل الزبد، والجبن، والمثلوجات اللبنية.
2- الحمى القرمزية
ويسببها بكتيريا Streptococcus pyogenes، والتي تُسبب التهابًا في الزور، وينتشر المرض عن طريق اللبن، حيث يُصاب الضرع من المرض أو من حاملي المرض.
3- شلل الأطفال
يأتي عن طريق استهلاك لبن مصاب بالفيروس المسئول عن شلل الأطفال.
4- التسمم من المنتجات اللبنية
هناك العديد من الطرق التي تجعل اللبن ومنتجاته سامة، مثل الحالات المتعلقة بالحيوانات كوجود العقاقير أو المواد السامة في غذاء الحيوان، ومنها تنتقل عن طريق الدم إلى اللبن، وبالتالي تنتقل للإنسان عند استهلاكه.
أو حالات أخرى تكون بعد إنتاج اللبن، وهي تلوث اللبن بعد بسترته أو أثناء تداوله ببعض الكائنات الحية الدقيقة الممرضة. ولذلك كان من الضروري إشراف الهيئات الحكومية المختصة بإصدار القوانين والتشريعات التي تلزم صانعي المنتجات اللبنية بإنتاج اللبن ومنتجاته بشكل سليم ونظيف يضمن حماية وصحة المستهلكين.
وفيما يلي بعض التوصيات التي يجب اتباعها لتجنب انتشار الأمراض:
1- العناية البيطرية بالماشية الحلابة، وعزل المصاب منها، وإعدام لبنها بطريقة تضمن عدم تكرار العدوى.
2- التأكد من سلامة العاملين في أي عمل له صلة باللبن مع فحصهم طبيًا على فترات متقاربة.
3- وقاية اللبن أثناء الحلب والنقل والتسويق من التلوث، حيث إن طريقة إنتاج اللبن بالمزرعة تحدد جودته ومقدرته على الحفظ ومدى صلاحيته للتصنيع. وتشمل الوقاية نظافة الحيوان قبل الحلب، ونظافة الضرع بمواد مطهرة، والتأكد من سلامة الحيوان قبل الحلب، وسرعة تبريد اللبن بعد حلبه مباشرة لمنع نشاط الميكروبات قبل البسترة.
4- يجب توصية المستهلك ببعض الإرشادات للحفاظ على سلامته وسلامة وجودة اللبن ومنتجاته مثل:
– عدم شراء أي منتج لبني من الباعة المتجولين لعدم وجود إشراف صحي على مكان وطريقة الحلب.
– عدم تناول أي منتج لبني من مصدر مجهول، بل يجب الحرص على أن يكون المصدر معروفًا ومرخصًا لبيع وتداول وتصنيع تلك المنتجات، بحيث يكون المنتج معبأ في عبواته الأصلية، ومدونًا عليها اسم المصنع وتاريخ الإنتاج ومدة الصلاحية، مع التأكد من أنها لم تُفتح من قبل.
– التأكد من أن العبوات نظيفة وخالية من أي صدأ أو خلل.
– أن تكون محفوظة بالثلاجات.
– عدم تركها بعد فتحها مكشوفة حتى داخل المبرد.
5- بالنسبة للمصانع يجب اتباع إجراءات مكافحة الحشرات والقوارض لما لها من دور هام في تلوث تلك المنتجات وانتقال العديد من الأمراض.
6- اتباع معايير الجودة والشروط الصحية في حفظ وتصنيع وتعبئة تلك المنتجات اللبنية.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.



