رأى

الأستاذ الدكتور توفيق حافظ رحمة الله عليه

أ.د/صلاح يوسف

بقلم: أ.د/صلاح يوسف

وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق

غاب الأربعاء الماضى عن عالمنا عالم كبير فى مجال مكافحة أمراض النبات بالطرق الحيوية .. بدأ نشاط الأستاذ الدكتور توفيق حافظ فى استخدام فطريات ترايكودرما فى مكافحة أهم الأمراض الفطرية على النباتات منذ بداية الثمانينات من القرن الماضى أو أواخر السبعينيات .. وربما ليس لدى حصر كافى ولكن أظن أن الدكتور توفيق حافظ هو أول من وضع المكافحة الحيوية لأمراض النبات فى بؤرة إهتمام الباحثين المصريين والمنتجين الزراعيين المصريين .. العزلات الفطرية البسيطة التى قدمها الدكتور توفيق حافظ المبشرة فى بداية الثمانينات بالاستخدام فى المكافحة الحيوية قامت عليها رسائل ماجستير ودكتوراه كثيرة.

.. وربما هذا فى حد ذاته يبين مستوى وحال الباحثين لدينا منذ أكثر ثلاثين عاما والذين بعضهم لا يتخطى كونهم فنى فى معمل بحثى بينما القليل يطلق عليهم علماء بحق .. الدكتور توفيق حافظ رحمه الله كان من المتميزين الذين يطلق عليهم علماء حولوا العلم والبحث العلمى للتطبيق على المستوى التجاري بشكل رائع .. وهو يعتبر لحد كبير نموذج متميز .. وذلك لأنه بالتأكيد قابله الكثيرين الرافضين لفكره العلمى من الباحثين والقيادات المعيقة، وبالتالى أصبح القطاع الخاص هو الملاذ لتطبيق العلم والنظرية .. ونجح فى ذلك لحد بعيد .. ولو كنا فى وسط ومناخ علمى أكثر إحتراما على مستوى الدولة لكان هناك إستغلال راقي ورائع لفكر دكتور توفيق حافظ وأمثاله وهم متوافرون ولكان حال الزراعة المصرية من أقوى المستويات على مستوى العالم ..

ولكن دائما قصار القامة العلمية والفكرية يعتلون الكراسى فى المواقع المختلفة منذ عقود فلم يسمحوا أبدا بترقى أو تقدم من لديهم علم أو معرفة على الإنطلاق .. أول مرة إلتقيت فيها الدكتور توفيق حافظ كان فى سمينارا (حلقة علمية) عن إستخدام فطر ترايكودرما فى مكافحة مرض العفن الأبيض على البصل فى منتصف الثمانينات .. ربما 1985 أو 1987 لا أتذكر السنة بالضبط ..

وألقى الدكتور توفيق حافظ هذا السمينار فى قاعة مكتبة معهد بحوث أمراض النبات بالجيزة والتى كانت هى المكان الوحيد المناسب للقاءات العلمية والاجتماعات الرسمية فى ذلك الوقت .. وفى هذا السمينار تحدث الدكتور توفيق حافظ عن تجهيز مستحضر حيوى يمكن أن تسميه مستحضرا تجاريا أو مستحضر تطبيق لفطر ترايكودرما فى شكل حبوب pellet أو أو كريات من ملح صوديوم ربما جالات – لا أتذكر – وهذا المركب الذى يجهز فى شكل سائل ثم مع نزوله من الآلة التى جهزت لهذا الغرض يغير درجة الحموضة فتتحول إلى الشكل الصلب أو الجل .. ما لفت نظرى وقتها هو استخدام علوم الصيدلة فى تجهيز مركبات صيدلية لتحضير مركبات تفيد فى مجال مكافحة أمراض النبات بغض النظر عن المواد المستخدمة أو الطريقة حيث كان الأهم هو المدخل وطريقة التفكير ..

ولم تنجح محاولات الدكتور توفيق حافظ فى أن يحظى بإهتمام المعهد أو المركز فيم يقدمه بالقدر المناسب والذى تكرر هذا فى سمينارا فى عام 1996 أو 1997 مرة أخرى عن تطبيقات المكافحة الحيوية وكان يلاقى إعتراضا وإنتقادا وأحيانا تهكما من بعض السادة الباحثين وهذا طبيعى فى حياتنا بل وأيضا فى دول أخرى متقدمة مع فارق أن النقد والأسئلة والمعارضة الشديدة فى الدول المتقدمة تتم فى وجود كامل الإحترام والتقدير لملقى المحاضرة أو الفكرة العلمية بينما فى بلادنا وما يشابهها يكون الغرض الأساسى محاولة التقليل والنيل من شأن مقدم العرض بغض النظر عن الموضوع ..

هذه المداخل المتشابهة لحد كبير مع كل من يجتهد فى هذه البلاد دفعت الدكتور توفيق حافظ إلى تطبيق فكره ونشاطه العلمى على المستوى الزراعى العملى ليس فقط داخل مصر ولكن أيضا فى دول عربية أخرى وإن كنت أقر أن قيادة مركز البحوث الزراعية فى ذلك الوقت استجابت له تحت ظروف خاصة وأنشأت المعمل المركزى للزراعة العضوية وهذا يحسب لها بالتأكيد ..

لم يكتفى الدكتور توفيق حافظ بـالمكافحة الحيوية لأمراض النبات ولكنه كان رائدا للزراعة العضوية بحق على المستوى العلمى والتطبيقى ولولاه ولولا تبنى القطاع الخاص متمثلا وقتها فى الدكتور إبراهيم أبو العيش لفكره لما كان لدينا حديث عن الزراعة العضوية ربما حتى الآن .. وهذه المعارضة الحادة فى المحفل العلمى والبيئة العلمية بالتأكيد كانت أفضل له ولحياته ولبيته وللمزارعين ..

رحم الله الأستاذ الدكتور توفيق حافظ الذى وافته المنية أمس .. ورحم الله كل العلماء والباحثين من التنمر بهم والترصد لمحاولة النيل منهم .. ورحم بلادنا من كل جاهل .. ندعو الله بأن يثبت أخونا وأستاذنا الأستاذ دكتور توفيق حافظ عند السؤال فى القبر وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يوسع له فى قبره مد بصره وأن يبدل الله كل سيئاته حسنات وأن يؤانسه الله فى وحشته وأن يجعل عمله الصالح جليسه ينير له به قبره وأن يبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وأن يحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .. اللهم آمين.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى