صحة

استراتيجيات تقليل البصمة الكربونية في مصانع الأغذية من أجل نظام غذائي وبيئي مستدام

إعداد: أ.د.أمل محمود حسن عبدالحليم

رئيس بحوث بقسم بحوث تكنولوجيا المحاصيل وخبير سلامة الغذاء بالمركز المصري لمعلومات سلامة الغذاء بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية

تُعبر البصمة الكربونية عن التأثير البيئي للمنتجات أو الأنشطة المختلفة وهى مقياس يُستخدم لتحديد كمية انبعاثات الغازات الدفيئة،مثل غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2)، الناتجة عن نشاط معين أو منتج خلال دورة حياته في جميع مراحل الإنتاج، بدءا من استخراج المواد الخام، مرورا بالتصنيع، والنقل، والاستهلاك، وانتهاءً بالتخلص من المخلفات وتُقاس عادةً بوحدات الكيلوجرام من CO2 المعادل لكل وحدة من المنتج مثل الكيلوجرام أو اللتر.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

يُعتبر تقليل البصمة الكربونية أمرا مهما لتحقيق الاستدامة البيئية، حيث يساعد في تقليل تأثير الأنشطة البشرية على تغير المناخ.

البصمة الكربونية في قطاع الأغذية

يُعتبر كل من إنتاج المواد الخام، تصنيع الأغذية، النقل، التعبئة، والاستهلاك من المراحل الحيوية التي تؤثر في إنبعاثات الغازات المسببة للإحتباس الحراري (GHG) anthropogenic greenhouse gas والبصمة الكربونية للمنتجات الغذائية على النحو التالي:

ـ مرحلة إنتاج المواد الخام: تشمل هذه المرحلة زراعة المحاصيل وتربية الحيوانات، حيث تُعتبر هذه الأنشطة من المصادر الرئيسية لانبعاثات الغازات الدفيئة، مثل الميثان وثاني أكسيد الكربون وبالأخص ينتج القطاع الزراعي حوالي 8% من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

ـ مرحلة تصنيع الأغذية: تتطلب هذه المرحلة طاقة كبيرة، مما يؤدي إلى انبعاثات عالية من الغازات الدفيئة. يُعتبر قطاع تصنيع الأغذية من أكبر القطاعات المساهمة في انبعاثات GHG، حيث يُقدّر أنه مسؤول عن 14,21% من الإجمالي الكلي لانبعاثات الغازات الدفيئة (في بعض الدول بلغت هذه النسبة 20%). ومن هذه النسبة نجدأن الثروة الحيوانية ومصائد الأسماك تمثل31% من انبعاثات الغذاء ويمثل إنتاج المحاصيل 27% من انبعاثات الغذاء بينما استخدام الأراضي يشكل 24% من انبعاثات الغذاء في حين أن سلاسل التوريد تشكل 18% من انبعاثات الغذاء.

ولمزيد من التفاصيل يبين الجدول (1) البصمة الكربونية للمنتجات الغذائية المختلفة (كجم مكافئ co2/ كجم من المنتج). يشير الجدول إلى أن البصمة الكربونية الخاصة بتصنيع اللحوم مثلا تختلف بشكل كبير حسب نوع اللحم حيث تظهر القيم أن لحم البقر ولحم الضأن لهما أعلى بصمة كربونية مقارنة بأنواع اللحوم الأخرى، مما يبرز الحاجة إلى تقليل استهلاك هذه الأنواع لتحقيق أهداف الاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية.

وكذلك فإن عملية إنتاج اللبن، بما في ذلك إدارة المراعي وإنتاج الأعلاف، من المصادر الرئيسية للانبعاثات الكربونية، حيث تُسهم في انبعاث غاز الميثان. وبشكل عام، يُظهر اللبن بصمة كربونية أقل مقارنة بالجبن والزبدة؛ حيث يتطلب تصنيع كيلوجرام واحد من الجبن حوالي 10 كجم من اللبن، أي أنه يحدث فقد حوالي 9 كجم من مصل اللبن السائل كمخلف. أيضاً الزبدة لها بصمة كربونية عالية بسبب محتواها المنخفض من البروتين لكل وحدة كتلة.

لذلك، يُعتبر تقليل استهلاك منتجات الألبان ذات البصمة الكربونية العالية، مثل الجبن والزبدة، خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف الاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية.

وعلى العكس تماماً تُعتبر الفواكه والخضروات من المنتجات ذات البصمة الكربونية المنخفضة مقارنة بالمنتجات الحيوانية. حيث وجد من الدراسات أن الفواكه والخضروات، مثل التوت والجزر والطماطم، تُظهر البصمة الكربونية المنخفضة وانبعاثات غازات دفيئة (GHG) أقل بكثير مقارنة باللحوم ومنتجات الألبان؛ حيث أنه من الممكن أن يؤدي استهلاك الفواكه والخضروات إلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة تتراوح بين 29 إلى 70%، بالإضافة إلى تحسين الصحة العامة.

لذا، يُعتبر تناول الفواكه والخضروات خيارا مستداما يمكن أن يساهم في تقليل البصمة الكربونية للأفراد والمجتمعات. وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن الفواكه المجففة لها قيمة منخفضة من حيث البصمة الكربونية، إلا أن محتواها العالي من الطاقة الغذائية يجعل من الضروري تقييمها بشكل شامل.

ـ مرحلة النقل والتوزيع: تشملهذه المرحلة نقل المنتجات الغذائية من مواقع الإنتاج إلى الاستهلاك، حيث تساهم وسائل النقل في انبعاثات الكربون بسبب استهلاك الوقود.

ـ التعبئة والتغليف: تُعتبر عملية تصنيع مواد التعبئة والتغليف أيضا مصدرا لانبعاثات GHG، حيث تتطلب الطاقة لإنتاج المواد المستخدمة في التعبئة.

ـ الاستهلاك والتخلص من المخلفات واعادة التدوير: تشمل هذه المرحلة استهلاك الأغذية والتخلص من المخلفات، حيث يمكن أن تساهم المخلفات الغذائية في انبعاثات الغازات الدفيئة إذا لم يتم إدارتها بشكل صحيح.

جدول (1) البصمة الكربونية للمنتجات الغذائية المختلفة (كجم مكافئ co2/ كجم من المنتج)

البصمة الكربونية (كجم مكافئ co2/ كجم منتج غذائي
لحوم البقر 18,21
لحم الحمل والضأن 22,96 – 45,54

الدجاج

4,02

الأسماك 2,83
صيد الأسماك 1,15– 5,27
إنتاج الأرز 5,65
إنتاج الحبوب والفواكه والخضروات < 1
إنتاج السكر 0,45 – 0,63
السكر الخام 203 – 311
زراعة قصب السكر 0,49
نقل قصب السكر (بالشاحنات) 13.82 كجم مكافئco2/ طن
المشروبات 1 إلى 1,5 كجم مكافئ co2/ لتر
البيرة 1.9 إلى 5.3 كجم مكافئ co2/ لتر
اللبن 2,4
البيض 3,02
القشدة والقشدة الحامضة 83 و78
الزبدة 730
جبن الشيدر 8,60
جبن الموزاريلا 7,28
التخزين البارد 0,0025 – 0,12
الطهي والتعليب 0,42 – 1,38
النقل 0,11 – 1,53
تغليف الورق 1,34 كجم مكافئ co2/كجم من المخلفات
تغليف الكرتون 1,73 كجم مكافئ co2/كجم من المخلفات

إعادة تدوير الورق

− 0,0635

الاستراتيجيات المقترحة لتقليل البصمة الكربونية في قطاع الأغذية

1ـ تقييم دورة الحياة (LCA) Life Cycle Assessment: يُستخدم مقياس تقييم دورة الحياة (LCA) لتحديد النقاط الحرجة التي يمكن تحسينها أو السيطرة عليها لتقليل انبعاثات البصمة الكربونية الخاصة بالمنتجات الغذائية من خلال تحليل جميع مراحل الإنتاج، بدءا من مرحلة الزراعة وصولا إلى مرحلة الاستهلاك.

2ـ تحسين كفاءة الإنتاج: تحسين استغلال الأراضي الزراعية وتبني الممارسات الزراعية المستدامة وتحسين كفاءة الإنتاج مثل التحميل والتكثيف المحصولي، وتحسين كفاءة استخدام الموارد مثل المياه والأسمدة، مما يقلل من البصمة الكربونية والانبعاثات الناتجة في مرحلة الزراعة.

3ـ تحسين سلاسل الإمداد: تحسين كفاءة النقل والتوزيع في سلاسل الإمداد الغذائي يمكن أن يقلل من الانبعاثات الناتجة عن نقل المنتجات الغذائية؛ كاستخدام مصادر الطاقة المتجددة في تقليل انبعاثات غازات الدفيئة في مراحل الإنتاج والتصنيع وأيضاً استخدام أنواع أكثر استدامة من مواد التعبئة والتغليف حيث تؤدي التعبئة والتغليف دورا حاسما في تقليل الأثر البيئي للنفايات الغذائية، خاصةً للمنتجات ذات التأثير البيئي الكبير مثل اللحوم بالإضافة إلى استخدام وسائل النقل الأكثر كفاءة أو تقليل المسافات في مرحلة النقل والتوزيع للمنتجات الغذائية يمكن أن يكون له تأثير كبير على البصمة الكربونية.

4ـ إدارة المخلفات: تطبيق استراتيجيات فعالة لإدارة المخلفات الغذائية، مثل إعادة تدوير المخلفات أو تحويلها إلى سماد، يمكن أن يقلل من الانبعاثات الناتجة عن التخلص من المخلفات. استخدام المخلفات كمدخلات لإنتاج الطاقة يعد أيضا من التطبيقات المهمة.

5ـ تغييرالأنماط الاستهلاكية: تشجيع المستهلكين على اختيار المنتجات ذات البصمة الكربونية المنخفضة، مثل الفواكه والخضروات، يمكن أن يسهم في تقليل الطلب على المنتجات ذات الإنبعاثات العالية مثل اللحوم الحمراء وبالتالي تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة تتراوح بين 29 إلى 70%. تطبيق الضرائب البيئية أو كضريبة بيجو الأنشطة التي نولد عوامل خارجية سلبية يمكن أن يساعد في توجيه المستهلكين نحو خيارات أكثر استدامة.

6ـ البحث والابتكار في تطوير منتجات جديدة مستدامة: يمكن استخدام البصمة الكربونية كمعيار لتطوير منتجات غذائية جديدة تكون أكثر استدامة. على سبيل المثال، تطوير بدائل نباتية للحوم يمكن أن يقلل من البصمة الكربونية وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بإنتاج اللحوم التقليدية بنسبة تصل إلى 19%.

7ـ التوجه نحو النمو الأخضر: حيث أن النمو الاقتصادي يمكن أن يتحقق بالتوازي مع تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال إدارة الموارد بشكل مستدام.

8ـ التعاونبين الأطراف المعنية: أهمية التعاون بين المنتجين والمستهلكين وصانعي السياسات لتحقيق تحسينات فعالة في الآداء البيئي للأنظمة الغذائية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى