رئيس التحرير

ازدواجية فاضحة.. لاعبو الأهلي بين مظاهر الورع وواقع الصُور الفاضحة

بقلم: د.أسامة بدير

في الأسابيع الأخيرة، غزت مواقع التواصل الاجتماعي موجة من الصور الشخصية لعدد من لاعبي فريق النادي الأهلي لكرة القدم برفقة زوجاتهم، سواء في مناسبات عامة أو خلال رحلات خاصة.
لكن ما أثار الجدل هذه المرة لم يكن مجرد نشر تفاصيل الحياة الشخصية، بل ما حملته تلك الصور من محتوى صادم، يتناقض في كثير من الأحيان مع القيم والتقاليد التي يتمسك بها قطاع عريض من جمهور النادي، الذي طالما رأى في لاعبيه قدوة وسفراء له داخل وخارج الملعب.

لاحظ جمهور الأهلي – والذي يمثل شريحة عريضة من المجتمع المصري المتنوع ثقافياً ودينياً – أن أغلب الصور التي انتشرت تُظهر زوجات اللاعبين وهن يرتدين ملابس وصفها البعض بأنها “غير ملائمة” لعادات وتقاليد جمهور النادي، وتتنافى مع طبيعة ما يُتوقّع من رموز رياضية تمثل الملايين داخل وخارج الملعب.

المُفارقة التي زادت من حدة الجدل كانت التناقض الصارخ بين تلك الصور الشخصية وبين ما يُبث من لقطات للاعبين أنفسهم قبل المباريات، وهم يتلون الأدعية ويكبرون في خشوع وكأنهم على أبواب منبر لا ملعب، ما دفع بعض المتابعين إلى التساؤل: هل نعيش حقاً في زمن ازدواجية السلوك؟ وهل فقد بعض اللاعبين التوازن بين الحياة الشخصية والعامة؟

بعيداً عن الجدل المجتمعي، رصد مُحللون رياضيون تراجعاً ملحوظاً في أداء الفريق على المستويين البدني والفني خلال الفترة الأخيرة. هذا التراجع لم يكن مُرتبطاً فقط بعوامل فنية أو إصابات، بل ذهب البعض إلى تحليل أعمق ربط بين الاستقرار الأسري والنفسي للاعب، وأدائه داخل المستطيل الأخضر.

إذ تشير تجارب عديدة في تاريخ الكرة إلى أن اللاعب الذي يعيش حياة أسرية مستقرة، ويتسم سلوكه بالاتزان والوعي بقيمة “القدوة”، غالباً ما يحظى بتوفيق لافت، ليس فقط على صعيد الأداء الفردي بل في النتائج الجماعية أيضاً.

بينما الانشغال بالمظاهر، والاستعراض المُبالغ فيه على مواقع التواصل، والمُبالغة في تصوير الحياة الخاصة، كلها عوامل قد تخلق بيئة ذهنية مُشتتة للاعب، وتفتح أبواباً غير ضرورية للضغط الجماهيري والإعلامي.

النادي الأهلي ليس مجرد مؤسسة رياضية، بل هو كيان ثقافي واجتماعي يحمل في طياته تاريخاً طويلاً من الالتزام والانضباط، ويُمثل لجمهوره “قدوة” في السلوك قبل الأداء. لذلك فإن أي انحراف عن هذا المسار – حتى لو في الحياة الشخصية – يُقابل غالباً برفض واستياء، خاصة إن بدا كأنه يتناقض مع القيم التي يتبناها اللاعب علناً في خطبه أو احتفالاته الدينية.

في زمن الصورة، باتت الحياة الخاصة للاعبين مشاعاً عاماً، والاختيار الآن ليس في ما إذا كانت الصور ستُنشر أم لا، بل في “كيف نظهر؟” و”ما الرسالة التي ننقلها؟”. فبين الظهور المُتزن والاندفاع وراء ثقافة الاستعراض، شعرة قد تصنع فارقاً كبيراً في نظرة الجمهور، وفي الحالة النفسية للاعب، بل وربما في نتائج الفريق.

في نهاية المطاف، يبقى اللاعب حراً في خياراته، لكن حين يرتدي قميص الأهلي، فإنه يتحول إلى مرآة لرمزية أوسع وأعمق من مجرد لعبة أو نادٍ. هو يُجسد طموحات الملايين، ويُمثل ثقافة ترتبط في أذهان جمهوره بالالتزام والانضباط. فحين تتصدر مظاهر الاستعراض والتباهِي غير المنضبط المشهد – سواء عبر سلوكيات شخصية أو ظهور زوجاتهم بما يتناقض مع قيم جمهور النادي – فإن الخطر لا يُهدد فقط صورة اللاعب، بل يمتد ليضرب روح الفريق وتماسكه. والنتيجة؟ موهبة تتآكل بهدوء، وأداء هزيل، وأبطال يتحولون – تدريجياً – إلى مجرد لاعبين على طاولة عشوائية، في مشهد لا يليق بقمصان كُتب عليها “الأهلي”.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى