رئيس التحرير

إعدام العمل المشترك في وزارة الزراعة! 

بقلم: د.أسامة بدير

الإعدام جريمة بشعة بحق الإنسانية .. لكن ثمة مواقف تكون فيها عقوبة الإعدام بمثابة رادع وعبرة لكل من يفكر فى تكرار ارتكابها، حفاظا على الأنساق الاجتماعية الحاكمة بين أفراد المجتمع الواحد.

ربما يكون المقصود من سطور هذا المقال بؤرة أمل يمكن أن تتحقق حال فكرنا بعين العقل والحكمة من أجل صالح هذا الوطن الغالى علينا جميعا.. واقعه ونهضة مستقبله وصولا لـتنمية شاملة ومستدامة.

ليست عقوبة الإعدام قاصرة على الشق المادى فقط، إنما استدعيت هذا المرادف لعظم السلوك المستخدم، وفادحة نتائجه على العمل المؤسسى، فـالإعدام يستخدم أيضا لاغتيال الأفكار النبيلة التى تبنى وتصون وتحمى الأوطان، بل وتنهض باقتصادها بشكل إيجابى يحقق الرفاه الاجتماعى لجميع أبناء المجمتع دون تمييز، ومن غير إقصاء لأى فكر أو فئة من فئاته.

إن فكرة العمل المشترك لهى بحق أساس نجاح وإبداع لأى قائد إذا ما رغب فى توظيف جل عناصرها لخدمة أهدافه فى تحقيق أقصى درجات التنسيق والتكامل بين فريق العمل الواحد سواء كان ذلك على الصعيد الشخصى أو المؤسسى.

ولست اتحدث عن مثاليات، فثقافة العمل المشترك كانت وستظل أحد أهم عناصر القوة لدى المجتمعات المتقدمة أو التى بدأت طريقها نحو الرقى والحضارة.

لقد قلت مرارا أن نهضة مصر فى نهضة القطاع الزراعى، فـمصر بلدا زراعى من الطراز الأول، وتملك جميع مقومات التنمية الزراعية إذا ما أحسن إدارة عناصرها، وأكدت سلفا على الدور الأساسى لأهم وأخطر حقيبة من حقائق وزارات مصر وهى وزارة الزراعة، وشددت على ضرورة توفير كل أشكال الدعم والمساندة والحماية من قبل أعلى سلطة فى الدولة لهذه الوزارة التى حتما تقود قاطرة التنمية بـمصر إذا ما رغبنا فى نمو حقيقى للاقتصاد الوطنى.

ورغم كل هذه الاطروحات التى أكدت عليها كثيرا، وسأظل أناضل من أجلها، حتى يكون لها صدى عند صانع ومتخذ القرار، فـوزارة الزراعة هامة للغاية وحسن إدارتها يتطلب قيادات واعية تدرك جيدا خطورة وطبيعة آليات عمل الوزارة وأهدافها المرتبطة بـالأمن الوطنى للبلاد.

الشاهد، فى أروقة وزارة الزراعة أن رائحة الإعدام بدت وكأنها موجة عاتية ربما تنذر بشكل كبير فى تدمير علاقات العمل البينية بين هذا وذاك، خاصة إذا ما تأملنا بعين الرصد والتحليل ما حدث مؤخرا، بشأن قرار وزير الزراعة الدكتور عز الدين أبوستيت، بالإطاحة برئيس الهيئة العامة للثروة السمكية الدكتور أيمن عمار، والمبرارات التى ذكرت فى البيان الرسمى للوزارة اعتقد أنها غير منطقية.

وجاء فى البيان “أنه منذ تكليفه – الدكتور أيمن عمار – في بداية أغسطس الماضي تعاقد على الأعمال المؤقتة والموسمية لـ118 متعاقدا من بينهم 55 موظفا لأعمال إدارية أو مكتبية، في الوقت الذي تعاني فيه الهيئة من ارتفاع نسبة العاملين بالوظائف الإدارية والمكتبية، والتي بلغت نحو 90% مقارنة بالعمالة الفنية التي لا تتجاوز 10%”.

يقينى، أن مثل هذه المبرارات التى سيقت فى بيان الوزارة من الممكن أن يرد عليها بالحجة أصغر موظف بالشئون القانونية فى أى إدارة من إدارات وزارة الزراعة.

حقيقة الأمر، أن أحد المصادر المقربة من “الفلاح اليوم“، ويعد من الدائرة الأولى لوزير الزراعة قال لى أن ثمة خلاف عميق بين الوزير ونائبته لشئون الثروة السمكية والحيوانية الدكتورة منى محرز وراء الإطاحة برئيس هيئة الثروة السمكية.

وأكد المصدر، أن وزير الزراعة شدد على الدكتور أيمن عمار بعدم التحرك إلا بعد إبلاغه شخصيا، لكنه لم يلتفت لتعليمات الوزير، وحضر معها ورشة عمل نظمتها منظمة “الفاو” في الإسكندرية، مؤكدا أن “عمار” كان يتلقى تعليماته من “محرز” باعتبارها المسئولة عن ملف الثروة السمكية ضاربا عرض الحائط بكلام الوزير.

ولفت المصدر، إلى أن ملف الثروة السمكية من الملفات التي يهتم بها الرئيس عبدالفتاح السيسى، ويستدعي فيها وزير الزراعة ونائبته أكثر من مرة، وفى كل مرة تتحدث محرز أمام الرئيس لعلمها بكل تفاصيل هذا الملف، مؤكدا على أن مثل هذا السلوك من جانب محرز سبب إحراج كبير للوزير أمام الرئيس.

اعتقد أن هذه هى الأسباب الحقيقية وراء الإطاحة برئيس هيئة الثروة السمكية، التى من المؤكد أنها تطرح علامات استفهام كثيرة أهمها: كيف يمكن لوزير الزراعة أن يستمر فى أداء عمله وسط خلافات حادة مع نائبته؟ وما واقع ومستقبل الزراعة المصرية فى ظل الحكم بـالإعدام على العمل المشترك بين أعلى قيادتين بالوزارة؟ وكيف يكون شكل علاقات العمل البينية بين الرؤساء والمرؤسين فى باقى قطاعات الوزارة فى ظل إعدام العمل المشترك بالوزارة؟

الشاهد، أن الخلافات بين “أبوستيت” و”محرز” بدأت تظهر أمام الصحفيين وهو ما ظهر جليا خلال افتتاح معرض الزهور بـحديقة الأورمان يوم الخميس 21 مارس الجارى، ورصدته بالصور بعض المواقع الإخبارية.

لقد بات من المؤكد أن الدكتور عز الدين أبوستيت وزير الزراعة، اتخذ قراره بإقالة رئيس هيئة الثروة السمكية، نظرا لولائه الشديد لـ”محرز”، دون غيرها لأنها هى التى أتت به فى هذا المنصب، واعتقد أن “أبوستيت” محق لان منصب الوزير هو الأعلى ولابد أن تكون جميع تفاصيل الملفات الخاصة بالزراعة على علم بها لانه المسئول الأول ومحل لاى سؤال يوجه له من “السيسى” أو “مدبولى” أو الإعلام.

وأعتقد أن الدكتورة منى محرز كنائبة للوزير، لها الحق تماما فى إدارة شئون كل ما يتعلق ويقع فى نطاق تخصصها، فضلا عن أنها صاحبة فكر ترغب فى تعظيم مردوده على الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية فى اطار السياسة العامة للوزارة.

لكن المحزن بالنسبة لى، عمق الخلاف المتصاعد بين أعلى قيادتين فى وزارة الزراعة بهذا الشكل اللافت لكل ذى عقل، فى الوقت الذى تحتاج فيه الزراعة المصرية لتأصيل منظومة متكاملة من العمل المشترك لتحقيق النهضة الكبرى، فإذا بكلايهما يتخذ هذا الموقف المتعنت ويحكم بـالإعدام على فكرة العمل المشترك.

ياسادة.. ارحمونا من الارتجال غير المحسوب، فعواقبه على القطاع الزراعى ومستقبل أمة بكاملها وخيم، فالاتحاد قوة، والعمل المشترك خاصة فى مجال وزارة الزراعة يعد من أهم ضروريات استمرار الحياة لهذا الوطن الغالى علينا، دعونا من الأنا وشخصنة الأمور، ونرفع جميعا شعار واحد نحو وطننا الغالى “الكل فى واحد”، ولنترفع عن صغائر الأمور، فكلنا خادم لهذا الشعب.

وأخيرا، أرفع صوتى حرصا على واقع ومستقبل وزارة الزراعة مناشدا كلا القيادتين بسرعة التفاهم وإزالة كل أسباب التوتر بينهما وتهدئة الأمور، من أجل استمرار الوزارة فى أداء دورها الحيوى لتلبية احتياجات ملايين المصريين من الغذاء الآمن.

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى