رئيس التحرير

إشكالية الدرجات البحثية في مركز البحوث الزراعية

بقلم: د.أسامة بدير

من المهم أن أوضح في مستهل كلامي أنه رغم صعوبة بل وخطورة التعاطي مع إشكالية الدرجات البحثية في مركز البحوث الزراعية، وتداعيات هذا التعاطي على مستوى كافة الأطراف الرسمية وغيرها، إلا أنه كان لزاما علي كخادم  لجميع علماء وباحثي مركز البحوث الزراعية أن أتناول في مقالي الأسبوعي هذا الملف الشائك الذي بات يؤرق الجميع، ويهدد مستقبل أناس بذلوا جهودا كبيرة من أجل الحصول على درجة بحثية تكون بمثابة الثمرة التي يحصدها الباحث بعد سنوات طويلة من الاجتهاد الشرعي، وبعد الوصول لمبتكر أو مستحدث جديد يساهم في تحقيق نهضة الزراعة المصرية، ويضيف إلى الرصيد العلمي معرفة جديدة وحقائق مؤكدة يستفيد منها آخرون.

في البداية لابد من التأكيد على أن إشكالية الدرجات البحثية بـمركز البحوث الزراعية ليست وليدة الأمس أو اليوم، ولا يُسأل عنها شخص بعينه، إنما هى إرث تراكم عبر أكثر من عقدين من الزمن، تولى خلالهما قيادات بذلت جهودا مخلصة في شتى نواحي العمل بالمركز وحافظت على مصلحة المركز وباحثيه، وحققوا إنجازات ساهمت في إثراء مكانته وسمعته، ولكن ربما بعض الثغرات في لوائح العمل بالمركز ساهمت في تراكم ذلك الإرث، ومن باب أمانة الكلمة لابد أن أشير إلى ثمة مجاملات خلقت نوعا من الضغط على تلك الدرجات ساهمت في تأخير حصول البعض على حقه، وجميعها حالات نادرة للغاية لكنها حدثت.

أنا على المستوى الشخصي متعاطف لأقصى الدرجات مع جميع العاملين والباحثين بالمركز، المنتظرين الحصول على درجة بحثية سواء ممن هم في إعلان 2017 أو غيرهم، فالجميع من حقه أن ينال تلك الدرجة البحثية بعد جهد وتعب متواصل للحصول على الماجستير والدكتوراه، خاصة في ظل ظروف قاسية على الصعيد المهني والاجتماعي والاقتصادي.

يقيني، أن إشكالية توافر الدرجات البحثية بـمركز البحوث الزراعية لها ثلاثة أطراف هي: وزارة الزراعة، الباحثين ومنظومة القوانين واللوائح التي تدير العمل بالمركز، فمن الملاحظ أن تلك الإشكالية ترتكز على الثلاثة أطراف سالفة الذكر، ولابد أن يحدث فيما بينهم اشتباك فكري يتسم بالعقل والحكمة، على أن تكون المظلة الحاكمة لهذا الاشتباك الفكري المتمثل في التفكير الجماعي وقانونية إلزام العقل الجمعي بما هو من شأنه مصلحة وطننا الحبيب أولا وبعيدا عن المصالح والأهواء الشخصية.

الشاهد أن الطرف الأول في إشكالية الدرجات البحثية بـمركز البحوث الزراعية يتمثل في طرف أصيل وهو الوزارة التى من المفترض أن تملك كل أدوات قوة التأثير والحجج والبراهين على أهمية وضرورة توفير درجات بحثية للمركز بالشكل الذي يساعد على سد الفجوة الموجودة به أمام الجهات المعينة – رئيس الوزراء، وزير المالية – من أجل تواصل الأجيال ونقل المعرفة بينهم، ولذا فأنا أثق تماما في شخص الدكتور “السيد القصير” وزير الزراعة، وامتلاكه جميع مهارات الحوار لتوفير أكبر قدر من الدرجات البحثية لإنهاء تلك الإشكالية، وأعتقد أن الدكتور “محمد سليمان” رئيس المركز بإدارته الحكيمة بالشراكة مع وكلاء المركز أصحاب الرؤى المستنيرة يمكنهم التواصل مع وزير الزراعة لبحث الأمر، وتوصيل الصورة وأبعادها كاملة بالشكل الذي يساعد الوزير على توصيل ذلك الملف الشائك والمنوط بمستقبل مئات من شباب الباحثين إلى مجلس الوزارء في أقرب وقت ممكن.

وفي هذا السياق لابد أن أذكر الجميع بما كان يفعله الدكتور “يوسف والي” وزير الزراعة الأسبق فيما يخص تلك الدرجات البحثية، حيث كان بقوة نفوذه ورجاحة تفكيره وقدراته الإقناعية أمام رئيس مجلس الوزارء ووزير المالية أنذاك أن يوفر في كل إعلان عدد كبير من الدرجات، فضلا عن ميزانية المركز التي كانت لا تقل عن 250 مليون جنيها، حيث كان وقتها الدولار يتراوح سعره الرسمي وفي السوق السوداء من (2,5 ـ 3,5) جنيه.

أما عن الطرف الثاني من إشكالية الدرجات البحثية بـمركز البحوث الزراعية فيتمثل في الباحثين، وأنا لست مجاملا لأحد إذا ما قلت أنهم الطرف المجني عليه في هذه الإشكالية، لأنهم بذلوا ولا زالوا يبذىون جهودا جبارة في الدراسة والتحصيل، وسهر الليالي حتى الحصول على الدرجات العلمية – الماجستير، الدكتوراه – فضلا عن تسير كافة الأعمال والإجراءات الخاصة بالدراسة والتسجيل بشكل شرعي موثق من قبل إدارة المركز، كما أن المركز تحمل كل أو جزء من تكاليف تلك الدراسة فضلا عن توفير أشكال الدعم الفني واللوجستي.

والسؤال الذي لابد وأن يطرح نفسه لأي شخص محب لوطنه أولا ولديه انتماء حقيقي لـمركز البحوث الزراعية وهو: لماذا يفرط المركز في أبنائه بعد أن قدم دعما فنيا ولوجستيا وتحمل تكاليف أو جزء منها من أجل إعداد رسالة علمية تنطوي على إنتاج علمي يساهم تنمية البحث العلمي الزراعي وتطويره بمصر؟!.

ولذا، أعتقد أن الأمر ربما يحتاج إلى إعادة النظر من طرف العاملين أو الباحثين بالمركز قبل الإقدام على تلك الخطوة والتفكير جيدا حتى لا نبكي على اللبن المسكوب، ولأن ذلك التفكير سوف ينقلنا حتما إلى الطرف الثالث من الإشكالية وهو القوانين واللوائح المنظمة للعمل بالمركز، والتي أجزم أنها تحتاج لمراجعات كثيرة للتخلص مما تسببه من البيروقراطية التي تؤدي إلى ضياع الوقت والجهد والمال على الباحثين والدولة على السواء.

وأنا هنا ليس من حقي أن أقترح بمفردي تعديل قوانين أو لوائح بعينها تخص عمل الباحثين بالمركز خاصة المرتبطة بالدرجات البحثية وكيفية الربط بينها وبين العمل بالمركز والسماح بالتسجيل لدرجتي الماجستير والدكتوراه، وتوفير كل أو جزء من أشكال الدعم المالي والفني واللوجستي، لأن جميعها هامة للغاية ولابد من مشاركة الجميع في اقتراحها.

وأعتقد أن الطرف الثالث في معادلة توفير الدرجات البحثية بالمركز يحتاج إلى نقاش عميق وحوار موسع مع الذين ستطبق عليهم فضلا عن كونهم المستفيدين منها، فمن المؤكد أن العقل الجمعي لابد له أن يبتكر في تلك المنطومة من القوانين واللوائح بالشكل الذي يساهم في تسير دولاب العمل بالمركز بسهولة ويسر، فضلا عن تطيبق قواعد الحوكمة التي تؤدي إلى الانطلاق والإبداع وتحقيق الإنجازات، لا التناحر والصراعات بين الجميع.

وأخيرا، أدعو كافة أطراف إشكالية الدرجات البحثية بـمركز البحوث الزراعية إلى الجلوس سويا تجمعهم مائدة مستديرة لطرح الرؤى والأفكار التي من شأنها أن تساعد على الخروج من تلك الأزمة بأقل خسائر ممكنة للجميع.

للتواصل مع الكاتب
[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كل الاحترام لحضرتك دكتورنا الغالى ولكن لما التحيز للاعلان 2017 كا ن الافضل المطالبة بالعدل ونسكين الكادر اولى من المؤقت صغير السن ذو الوساطة والمحسوبية بوضوح اكثر كان المفروض تسكين الدرجة بالاقدمية الحصول على الدرجة السابقة يعنى كيف يكون مؤقت وحالص على دكتوراة يترقى ويتسكن فبل الاقدم منة لذا نرجو من حضرتك الموساة فى العرض ونقل الصورة للمسئولين يشكل اوضح لان القوانين مش تفصيل وجزاكم الله خيرا دكتورنا الغالى وشكرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى