رأى

إدارة دورة المياه العادمة

أ.د/علاء البابلي

 بقلم: أ.د/علاء البابلي

تعود إدارة الفضلات البشرية بمنافع كبيرة على المجتمع في مجال الصحة العامة ومجال البيئة. ومقابل كل دولار أمريكي يُنفق على خدمات الصرف الصحي، تُقدر العوائد التي يستردها المجتمع بما يعادل 5,5  دولار أمريكي.

قد يكون التغلب على الصعوبات العملية التي تعترض تطبيق اللوائح التنظيمية المتعلقة بنوعية المياه أمراً عسيراً. وسعياً إلى تحقيق الأهداف الرامية إلى تحسين نوعية المياه وإلى حماية الموارد المائية، يتعين على الأطراف والمنظمات التي تقوم بمسؤولية محددة تجاه مختلف جوانب إدارة المياه العادمة الامتثال والتصرف على نحو يصب في المصلحة الجماعية. ولن يتسنى تحقيق المنافع المنشودة إلا عندما تتقيد جميع الأطراف بالقواعد الرامية إلى حماية الموارد المائية من التلوث.

ويؤدي إشراك المواطنين والمواطنات في عملية اتخاذ القرارات على كافة المستويات إلى تعزيز الالتزام والشعور بالمسؤولية. ويشمل هذا الأمر القرارات التي تتعلق بتحديد أنواع مرافق الصرف الصحي التي تحظى بالاستحسان والقبول، وتحديد سُبل تمويلها وصيانتها على نحو فعال وطويل الأجل. ومن المهم التواصل مع الفئات التي تعيش في فقر مدقع، سواء في مناطق ريفية نائية أو في تجمعات حضرية عشوائية وغير نظامية. ولابد أيضاً من التواصل مع  ألافراد، الذين  يتحملون  العبء الأكبر للعواقب الصحية الناجمة عن إدارة الفضلات البشرية بطريقة تنعدم فيها عوامل الأمن والسلامة.

تتألف المياه العادمة تقريباً من مياه بنسبة 99%، ومن مركبات صلبة عالقة ورغوية وذائبة بنسبة 1% ويمكن تصنيف العواقب الناجمة عن تصريف المياه العادمة بدون معالجة أو بدون معالجة كافية في ثلاث عواقب وهى:

1) عواقب سلبية على الأنشطة الاقتصادية.

2)  تأثيرات سلبية على البيئة.

3)  آثار ضارة بصحة الإنسان.

ويتمثل الغرض النهائي من تحسين إدارة المياه العادمة في ضبط وتنظيم كافة مصادر تدفق المياه العادمة. ويمكن تقسيم دورة إدارة المياه العادمة إلى أربع مراحل أساسية مترابطة وهى مرحلة خفض التلوث من المنبع ومرحلة التجميع ومعالجة المياه العادمة واستخدام المياه العادمة كمصدر غير تقليدى للمياه واستعادة المنتجات الثانوية النافعة.

تقليل التلوث من المنبع

ينبغي إيلاء الأولوية للقيام بمكافحة تلوث المياه التي تركّز على خفض  التلوث في المياه العادمة أو خفضه بدلاً من التركيز على معالجة الملوثات عند المصب كلما كان ذلك ممكناً. وتنطوي هذه النهج على حظر أو مكافحة استخدام ملوثات محددة بغرض الحيلولة دون  أو الحد من تسربها إلى مجاري المياه العادمة، وذلك بوسائل تنظيمية أو تقنية أو بوسائل أخرى أو بهذه الوسائل مجتمعة.

وبوجه عام، تكون تكاليف الإجراءات العلاجية التصحيحية الرامية إلى تنظيف مواقع التصريف والمسطحات المائية التي تتعرض للتلوث أعلى بكثير من تكاليف التدابير الوقائية الرامية إلى الحيلولة دون حدوث التلوث.

وتُعد عمليات الرصد ومتابعة حالات تصريف الملوثات في البيئة وعن نوعية المياه المحيطة عنصراً ضرورياً لإحراز تقدم في هذاالمجال. في حالة التقاعس عن قياس وضع قائم، سيتعذر تحديد المشكلة وتقييم فعالية السياسات.

عمليات تجميع المياه العادمة ومعالجتها

تظل نُظم التصريف المركزي للفضلات المنقولة بواسطة المياه الطريقة السائدة للصرف الصحي والتخلص من المياه العادمة الناتجة عن مصادر منزلية وتجارية وصناعية. وعلى الصعيد العالمي، يتمتع قرابة 60% من البشر بنُظم الصرف الصحي على الرغم من إخضاع نسبة ضئيلة فقط من المياه التي تتجمع في شبكات المجاري للمعالجة الفعلية.

وتتناسب خيارات الصرف الصحي الأخرى، ومنها على سبيل المثال النُظم القائمة في الموقع، المناطق الريفية والأماكن ذات الكثافة السكانية المنخفضة، ولكن مع إمكانية ارتفاع التكاليف الناجمة عنها بالإضافة إلى صعوبة إدارتها في البيئات الحضرية ذات الكثافة السكانية المرتفعة وقد لا تظل النظم المركزية الواسعة النطاق لمعالجة المياه العادمة الخيار الأمثل لإدارة المياه في المناطق الحضرية في العديد من البلدان.

ففي جميع أرجاء العالم، يتزايد الاعتماد على نُظم لامركزية لمعالجة المياه العادمة الناتجة عن عقار منفرد أو عن مجموعة محدودة من العقارات. وبالاضافة عن ذلك، تُتيح هذه النُظم اللامركزية استرداد العناصر المُغذية واسترجاع الطاقة، وكذلك توفير المياه العذبة، وتساعد على التمكين من الحصول على المياه خلال فترات ندرة المياه.

ووفقاً للتقديرات، تُمثل تكاليف الاستثمار في مرافق المعالجة المشار إليها نسبة تتراوح بين 20% و50% فقط من التكاليف المرتبطة بمحطات المعالجة التقليدية، إضافة إلى انخفاض تكاليف التشغيل والصيانة إلى مستويات أدنى في حدود نسبة تتراوح بين 5% و25% من التكاليف التي تترتب على تشغيل وصيانة محطات معالجة الحمأة المنشطة التقليدية.

وتُعد نُظم الصرف الصحي المنخفضة التكلفة في الوقت الحاضر الطريقة المثلى التي تلقى الإقبال في الأحياء ذات كافة مستويات الدخل. وتختلف هذه النظم عن النُظم المستخدمة في المنشآت التقليدية للصرف الصحي، وتركز على مفهوم تصريف مياه مجار تخلو من المركبات الصلبة عبر نظام الصرف الصحي.

ويسهل إخضاع هذه النُظم لإدارة المجتمع المحلي، وتصلح إلى حد بعيد لتمديد النُظم القائمة أو لتوسيع نطاقها أو لربط التجمعات السكانية الفرعية بالنُظم المركزية. وبالإضافة إلى ذلك، جرى الاستعانة بهذه النُظم في مناطق استضافة اللاجئين. ويعد عدم توافق هذه النُظم مع أغراض تصريف مياه العواصف أحد النواقص التي تعيبها.

وقد تكون النُظم الإيكولوجية فعالة في توفير خدمات معالجة المياه العادمة بشكل اقتصادي التكلفة، شريطة أن تكون هذه النُظم سليمة، وشريطة أن تخضع كمية الملوثات وكذلك أنواع الملوثات الموجودة في النفايات السائلة للتنظيم والتقنين، وشريطة عدم تجاوزها لقدرة النظام الإيكولوجي على تحمّل التلوث.

*كاتب المقال: خبير المياه الدولى واستاذ الاراضى والمياه بعهد بحوث الاراضى والمياه ورئيس قسم المقننات المائية والرى الحقلى الآسبق.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى