أثر السياسات علي قطاع الزراعة والفلاحين
روابط سريعة :-
تقرير أعده: د.أسامة بدير
كان قطاع الزراعة في طليعة قطاعات الاقتصاد الوطني التي شهدت تغيرات كبيرة أثرت بشكل مباشر على مدخلات ومخرجات الإنتاج الزراعي في مصر ليس ذلك فحسب بل وعلى البنية الزراعية بشكل كامل.
فمنذ أوائل الثمانينيات من القرن العشرين بدأت الدولة توجهاتها في قطاع الزراعة نحو مزيد من التحرر الاقتصادي بهدف ترك القرارات الاقتصادية الأساسية المتعلقة بالإنتاج والتسعير والتسويق للمنتج الزراعي لقوى السوق.
وفي هذا الصدد، كانت إحدى أدوات السياسة الاقتصادية الزراعية في مصر الإلغاء التدريجي للدعم المباشر والذي بدأ عام 1987 ليشمل عدة إجراءات تحريرية تمثلت في، تحرير الأسعار والتسويق لمحاصيل القمح والذرة الشامية والفول السوداني وخلال السنوات الأولى من التسعينيات من القرن العشرين تم إلغاء الدعم على جميع مستلزمات الإنتاج الزراعي من أسمدة وتقاوي ومبيدات وتحرير أسواقها وتزايد دور القطاع الخاص فيها.
هذا، وقد تحقق الإلغاء الكامل للدعم لهذه المستلزمات بنهاية عام 1994 كما تم إلغاء القيود على التركيب المحصولي وتحرير قرارات المزارعين فيما يتعلق بـالدورة الزراعية, وشهد النصف الثاني من التسعينيات تحرير تسويق وتجارة القطن وتحرير العلاقة الإيجارية للأراضي الزراعية بعد انتهاء الفترة الانتقالية (خمس سنوات 1992 – 1997) للتحول من الوضع القديم إلى علاقة حرة تستند إلى آليات العرض والطلب في تحديد القيم الإيجارية للأراضي الزراعية.
وقد استوجب تصحيح هذا الخلل في قطاع الزراعة تحرك الدولة في اتجاهين هما:
الأول: تمثل في ضرورة إجراء بعض التعديلات الهيكلية في السياسات الزراعية المطبقة داخل قطاع الزراعة سواء في مجال السياسة السعرية والتسويقية أو السياسات المالية والنقدية المرتبطة بقطاع الزراعة، بالإضافة إلى التعديلات في مجال الإصلاح المؤسسي مثل قصر دور بنك التنمية والائتمان الزراعي سابقا (البنك الزراعى المصرى)، تدريجاً على تمويل الخدمات الزراعية، وكذلك تشجيع القطاع الخاص وشباب الخريجين على استصلاح واستزراع وتملك الأراضي الجديدة.
الثاني: يتمثل في تدخل الدولة من أجل معالجة القصور في قطاع الزراعة للعمل على تكامل السياسات الوطنية من ناحية، وتكامل السياسات السعرية في مجموعها مع باقي السياسات الاقتصادية القطاعية والوطنية خاصة السياسة الضريبية والمالية والنقدية والائتمانية وسياسات الدخول والأجور بالإضافة إلى سياسات التجارة الخارجية من ناحية أخرى.
وسوف نهتم فى هذا التقرير بعدة نقاط أساسية تركز بشكل مباشر على توضيح أثر السياسات الراهنة على قطاع الزراعة في إطار برامج الاصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي التي خطت مصر فيها خطوات كبيرة، وكانت لها آثار إيجابية وأخرى سلبية، ومن هنا كان لزاماً عرض هذا الموضوع من كل جوانبه آملين في الخروج برؤية واضحة من خلال:
أولاً: القطاع الزراعي في ظل السياسات الراهنة.
ثانياً: أثر السياسات الاقتصادية والاجتماعية على المزارعين.
ثالثاً: رؤية مستقبلية.
أولاً: القطاع الزراعي في ظل السياسات الراهنة
يعتبر تقدم الزراعة غاية في حد ذاته تسعى إلى تحقيقه الكثير من الدول هذا بالإضافة إلى أنه شرط لنجاح برامج التصنيع، إذ يصاحب التقدم الزراعي زيادة في مقدرة السكان الزراعيين على الاستهلاك وعلى ذلك فإن تنفيذ بعض مشروعات التنمية الزراعية يساعد على إجراء التصنيع.
فـالزراعة هى المورد الأول الذي تستطيع أى دولة أن تستمد منه ما يعينها على تحقيق برامج التنمية في قطاعات الاقتصاد المختلفة كالصناعة والتجارة والخدمات العامة, ومن ثم فإن أى تقدم يلحق بها سوف يؤثر بطريق مباشر في الاقتصاد الوطني لأى دولة ويساهم في تحقيق الرفاهية لمواطنيها.
وخلال القرن التاسع شهدت مصر ثورة فى مجال الزراعة والري فقد تمت إقامة العديد من مشروعات الري الكبرى، ما أدى إلى توفير المياه اللازمة وساهم فى زيادة مساحة الأراضى الزراعية، وقد ترتب على تنفيذ هذه المشروعات زيادة مساحة الأراضى الزراعية من حوالي 2 مليون فدان عام 1813 إلى نحو 4 ملايين فدان عام 1952.
ومنذ قيام ثورة يوليو 1952 وحتى الآن تواصل الاهتمام بقطاع الزراعة والعمل على تطوير وتنمية هذا القطاع الهام. حيث تبلغ مساحة الأرض المزروعة فى مصر 10 مليون فدان منها 6 ملايين و125 ألف فدان بالأراضي القديمة، و3 ملايين و875 ألف فدان بالأراضي الجديدة المستصلحة. (وفقا لنشرة الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء 2015)، ويبلغ الناتج الزراعي الإجمالي 17,1% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي عام 2015/2014.
ويؤدى قطاع الزراعة دورا رئيسياً فى تمويل قطاعات الإنتاج والخدمات، وفى تحقيق الأمن الغذائي حيث بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي عام 2016 من القمح حوالي 56%، من الخضر 100%، من الأرز 100%، من اللحوم الحمراء 71%، ومن الأسماك واللبن الطازج والبيض 100%، من السكر 80%، كما بلغت الصادرات الزراعية نحو 830 مليون دولار عام 2016.
يذكر أن مصر حققت عام 2004 المركز الأول على مستوى العالم فى إنتاجية محاصيل الأرز وقصب السكر والذرة الرفيعة، والمركز الثاني في إنتاجية الفول السوداني.
كما يساهم القطاع الزراعي في دعم الدخل القومي، حيث يساهم بنحو 20% من إجمالي الصادرات، كما يعمل به حوالي 34% من إجمالي القوى العاملة في الاقتصاد القومي حيث يبلغ عدد المشتغلين بأنشطة الزراعة والصيد نحو 6,206,000 عامل بنسبة 32,9% من إجمالى المشتغلين (2016).
ونجح القطاع الزراعى من خلال تحديث الزراعة واستجابة المزارعين لنتائج البحوث والإرشاد الزراعي والتكنولوجيا الحديثة والمحفزات السعرية في تحقيق إنجازات واضحة وملموسة في مجال التنمية الزراعية النباتية والحيوانية الرأسية والأفقية.
وقد رسمت مصر عدة سياسات في إطار برامج التحرر الاقتصادي في قطاع الزراعة أظهرت من خلالها أسس ومجالات التنمية الزراعية على ضوء احتياجات اقتصادها هادفة بذلك تحقيق الاستثمار الاقتصادي الفعال لمواردها الطبيعية والبشرية على السواء.
وبهدف زيادة الإنتاج الزراعي اتخذت الإدارة الحكومية عدة خطوات منها:
1ـ التوسع الأفقي: وذلك بزيادة المساحة المزروعة عن طريق استغلال الأراضي البور والصحراوية واستغلال مياه النيل أقصى استغلال ممكن.
2ـ التوسع الرأسي: عن طريق زيادة انتاجية الأراضي المنزرعة ورفع معدل انتاجية الفدان باستخدام الوسائل العلمية في طرق الزراعة وأساليبها والتوسع في إنتاج السلع الزراعية التصديرية، وكذلك استخدام الوسائل العلمية في تنمية الثروة الحيوانية وزيادتها.
3ـ سعت الحكومة أيضا إلى تدعيم التصنيع الزراعي بهدف زيادة قيمة الإنتاج الزراعي ما يساعد على إقامة مشروعات زراعية كبيرة، تساعد على امتصاص فائض الأيدي العاملة الزراعية والحد من البطالة المقنعة والموسمية.
ويعتبر القطاع الزراعي هو القطاع الرائد في برامج التحرر الاقتصادي فقد نجح في تحرير الاقتصاد الزراعي المصري من كل صور التدخل الحكومي، حيث أصبح القطاع قطاعا خاصا يدار وفقا لآليات السوق الحرة ومبدأ الميزة النسبية، وأصبح المزارع حرا في أن يزرع ما يشاء من محاصيل ويسوق محصوله بالأسلوب الذي يراه ملائماً ويقتصر دور وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، حاليا على البحوث والإرشاد الزراعي وإعداد الدراسات الاقتصادية والسياسات والتشريعات الزراعية.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الدولة في تطبيق برامج الاصلاح الاقتصادي في قطاع الزراعة، وتهيئة المناخ من أجل إحداث انطلاقة قوية لهذا القطاع، بغرض تحقيق طفرة كبيرة في الانتاج الزراعي كما ونوعا، ما يعود على العاملين في هذا القطاع بالنفع من ناحية وعلى مؤسساتها المختلفة واقتصادها الوطني من ناحية أخرى، إلا أنه حدثت بعض الآثار الاقتصادية والاجتماعية كنتيجة لتطبيق سياسات التحرر الاقتصادي على القطاع الزراعي، ولاشك أن هذه الآثار منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي على جميع أطراف العملية الإنتاجية الزراعية سواء كان منتجاً (مزارعاً) أو مستهلكاً ومن هنا كان لزاما استعراض بعض هذه الآثار.
ثانياً: أثر السياسات الاقتصادية والاجتماعية علي المزارعين
ـ الآثار الاقتصادية: شهد عقدا الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين في مصر سياسة إصلاح مسار اقتصادها وإعادة هيكلته تمشيا مع الاتجاه العالمي لتحرير الاقتصاد والتجارة.
وقد ارتكزت برامج الاصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي على تحرير أسعار أدوات الإنتاج ومستلزماته، وإفساح المجال للقطاع الخاص لدخول الأعمال الزراعية، من استثمار وتسويق ومتاجرة وحل المؤسسات والشركات الحكومية وتصفيتها وبيعها للقطاع الخاص في إطار برنامج (الخصخصة) وترشيد موارد مياه الرى، وإعادة هيكلة وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية، وأن يقتصر دور الدولة على وضع الخطط التأشيرية والإسهام في برامج التنمية الريفية وتنفيذ البنية الأساسية الزراعية ودعم مؤسسات البحث العلمي.
وفى هذا السياق سوف يتم عرض حزمة من سياسات التحرر الاقتصادي وأثرها على قطاع الزراعة..
سياسات التحرر الاقتصادي في قطاع الزراعة
إن استراتيجية الزراعة المصرية خلال تلك الفترة وما بعدها قامت على أساس تحقيق التنمية الزراعية عن طريق تحرير القطاع الزراعي من كافة القيود المفروضة عليه من التدخل الحكومي, وذلك في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة التي تستند على فلسفة التحرير الاقتصادي وإطلاق قوى السوق في شتى جوانب الحياة الاقتصادية.
وتهدف هذه السياسة إلى تحقيق الكفاءة الاقتصادية للموارد الزراعية، بالإضافة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل الوطني بين القطاع الزراعي والقطاعات الأخرى.
وتقوم هذه الاستراتيجية في المقام الأول على مبدأ التدرج في تحقيق الأهداف لمنع حدوث أية هزات اجتماعية داخل المجتمع، ولذك انتهجت مصر عدة سياسات تتعلق بالنواحي السعرية والتسويقية والتمويلية والدعم والتجارة الخارجية وأهم هذه السياسات ما يلي:
1 – سياسة تحرير أسعار المحاصيل الزراعية وإلغاء التوريد الإجباري: مع بداية عام 1987 تم إلغاء التوريد الإجباري للمحاصيل الزراعية (القمح, الفول البلدي, السمسم, العدس, الفول السوداني, فول الصويا, البصل)، وأصبحت أسعارها خاضعة لقوى العرض والطلب وبالتالي وجد المزارعون أنفسهم أحرارا في اتخاذ قراراتهم الانتاجية واختيار حاصلاتهم الزراعية وتحديد مساحتها المزروعة.
هذا وقد عمدت الحكومة إلى التدخل كمشترية وبائعة لبعض المنتجات الزراعية الرئيسية لمنع اضطراب أسواق السلع الزراعية في تنافس مفتوح مع القطاع الخاص، وللتقليل من حدة التقلبات السوقية والسعرية لهذه المنتجات الزراعية وفق أسعار معلنة ومحددة.
أما بالنسبة لمحصول الأرز فقد تم تحريره من التوريد الإجباري تدريجياً على مراحل حتى مارس 1991 حين أعلن عن تحريره نهائياً، وبالتالي أصبح محصول الأرز حراً من حيث النقل والتداول والأسعار.
وأما قصب السكر فقد ظل مرتبطاً بمصانع السكر لإنتاج السكر وقد تمت الموافقة على برنامج تحريره في نوفمبر 1993 وفي نوفمبر 1994 تم الانتهاء من رفع القيود على زراعة قصب السكر.
2 – سياسة إلغاء دعم مستلزمات الإنتاج الزراعي: برزت الاهتمامات الاصلاحية في إطار هذه السياسة من خلال إلغاء الدعم على المدخلات والمستلزمات الانتاجية (أسمدة – مبيدات – تقاوي – أعلاف – فوائد)، وقد تم خفض الدعم على مستلزمات الانتاج الزراعي (أسمدة – مبيدات) موسم 1992/1991 إلى ما يعادل 50% من الدعم العام السابق عليه، كما تم إلغاء باقي الدعم المقدم على العلف الحيواني في يوليو عام 1993 مع استمرار دعم مبيدات القطن فقط، وفي نوفمبر 1993 تم إلغاء الدعم المتبقي على مبيدات القطن.
3- سياسة إلغاء احتكار الدولة لاستيراد وتوزيع مستلزمات الإنتاج الزراعي: احتكرت الدولة خلال عقدى السبعينات والثمانينات من القرن العشرين عمليتى استيراد مستلزمات الانتاج الزراعي من الخارج وتوزيعها على المزارعين، ولم يكن مسموحا وقتها للقطاع الخاص بالدخول فيهما، وخلال عملية التحرر الاقتصادي أصبح المجال مفتوحا لمشاركة القطاع الخاص في هاتين العمليتين (الاستيراد – التوزيع) واقتصر دور الدولة على مراقبة جودة مستلزمات الإنتاج الزراعي المستوردة، وأصبح القطاع الخاص منذ عام 1998 مسئول عن توزيع 90% من إنتاج الأسمدة المحلية، وبنك التنمية والائتمان الزراعي مسئول عن نسبة 10% فقط.
4- سياسة إلغاء دعم أسعار فائدة القروض الزراعية: تمشياً مع سياسة الدولة التي اتبعتها خلال عملية التحرر الاقتصادي بإلغاء الدعم السعري على مستلزمات الإنتاج الزراعي فقد تم أيضا إلغاء الدعم على سعر الفائدة على القروض الزراعية من بنوك التنمية والائتمان الزراعي والتي كانت تقل كثيرا عن أسعار الفائدة السائدة بالبنوك التجارية.
سياسة الإصلاح المؤسسي والاتجاه نحو الخصخصة
شمل الإصلاح المؤسسي في القطاع الزراعي مجالات عديدة من أهمها:
1ـ إعادة هيكلة البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وقصر دوره بشكل تدريجي على تمويل النشاط الزراعي وتقليص دوره في مجال استيراد وتسويق مستلزمات الإنتاج الزراعي.
2ـ تفعيل دور التعاونيات على مستوى المحافظات.
3ـ تحديث القطاع المصرفي النوعي المرتبط بـالريف ليقدم قروضا بأسعار فائدة سوقية وائتمانيةغير مدعمة للمنتجين الزراعيين وللتصنيع الزراعي مع التوسع في تعبئة المدخلات الريفية لدعم رأسمال البنك واستقراره المالي.
4ـ تصحيح مسار هيئة الإصلاح الزراعي وبيعها لمساحات كبيرة من الأراضي التي في حوزتها إلى القطاع الخاص بالأسعار السوقية، واستخدام جانب كبير من عائد هذا البيع لتعويض الملاك الأصليين، وتوجيه الباقي لتمويل مشروعات التنمية الزراعية الوطنية، وفي أوائل الثمانينات من القرن العشرين صدرت قرارات جمهورية تحولت بموجبها المؤسسات والهيئات الحكومية إلى وحدات اقتصادية وخدمية للقطاع العام لتعمل وفق معايير اقتصادية، وبالاعتماد على مواردها الذاتية مع تعديل الأساليب الإدارية والتنظيمية لتصبح مستقلة عن الذمة المالية العامة للدولة.
5ـ في مجال إصلاح القطاع العام وتعديل الإطار الهيكلي لشركاته وإكسابها قدرا أكبر من المرونة حيث تم إنشاء هيكل تنظيمي جديد لشركات القطاع العام تتمتع فيه بالاستقلالية التامة عن الحكومة وتتنافس فيه مع بعضها البعض مثل: (دمج مراكز الزراعة الآلية _ 80 مركزا – في شركة واحدة تابعة لقطاع الأعمال يقوم نشاطها على أساس تحقيق الربح وتقديم الخدمات بدون دعم).
وفي هذا السياق صدر قانون الأعمال العام رقم 203 لعام 1991 ليقوم قطاع الأعمال العام بإدارة استثماراته والشركات القابضة التابعة له ومراجعة أعمال هذه الشركات، وكان من أهم عناصر هذا القانون: الفصل بين الإدارة والملكية، والفصل بين موازنات الشركات والموازنة العامة للدولة، وتحرير قطاع الأعمال لمواجهة أوضاع المنافسات وآليات السوق.
6 – سياسة إصلاح التشريعات الزراعية (العلاقة بين المالك والمستأجر): صدر القانون الخاص بتحقيق التوازن في العلاقة بين المالك والمستأجر للأراضي الزراعية رقم 96 لسنة 1992 والذي من أهم سماته: تحرير هذه العلاقة خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات انتهت مع السنة الزراعية 1997/1996 وبعدها خضعت هذه العلاقة للقانون المدني.
7- سياسة تشجيع الاستثمار الزراعي: انتهجت الدولة سياسة في مجال الاستثمار الزراعي حيث استهدفت في المقام الأول تشجيعه وتنميته حيث كانت أهم معالم هذه السياسة ما يلي:
ـ توحيد قوانين الاستثمار في القانون رقم 230 لسنة 1989.
ـ إعفاء الشركات الزراعية من الضرائب لمدة عشر سنوات.
ـ حرية تسعير المنتجات الزراعية وفق قوى العرض والطلب.
ـ تخفيض الرسوم الجمركية على الآلات الزراعية بحيث لا تتعدى 5%.
ـ سياسة استصلاح واستزراع الأراضي الزراعية.
في إطار السياسة العامة للدولة مع تطبيق برامج التحرر الاقتصادي في قطاع الزراعة اقتصر دور الدولة على القيام بتنفيذ أعمال البنية الأساسية التي تخدم الزراعة (شق الترع والمصارف, توصيل شبكات الكهرباء, رصف الطرق الرئيسية والفرعية, وغيرها)، كما قامت الدولة بعمل الدراسات الاستكشافية وتقديم الائتمان، ولذلك اتخذت بعض الاجراءات أهمها:
ـ بيع الأراضي المستصلحة بعد عمل البنية الأساسية لها للقطاع الخاص أو الاستثماري.
ـ التصرف في الأراضي التابعة للشركات الزراعية بالبيع على المستثمرين أو تمليكها للعاملين وشباب الخريجين.
ـ تأجير أو بيع أراضي جديدة قابلة للاستصلاح بأسعار رمزية لتشجيع القطاع الخاص في استصلاح واستزراع الأراضي.
التحرر الاقتصادي والتركيب المحصولي
مما لاشك فيه أن السياسة التي واكبت عملية التحرر الاقتصادي من قبل الدولة في قطاع الزراعة كان لها أثرها المباشر على التركيب المحصولي بشكل عام، والذي يتطلب أن تسعى الدولة بكافة أجهزتها ومؤسساتها إلى فتح أسواق خارجية لهذه المنتجات الزراعية نتيجة لزيادتها .
فعند مقارنة التغير في التركيب المحصولي بين الفترتين (1980 – 1985), (2002 – 2004) وهما على سبيل المثال على اعتبار أنها الفترة الأقرب التى قامت قبلها انتهاج الحكومة لسياسية اقتصاد السوق الحر.. فتم رصد النتائج التالية:-
*تزايدت المساحة المحصولية من حوالى 11,1 مليون فدان إلى حوالى 14,4 مليون فدان بزيادة تمثل حوالى 30,6% عن مثيلتها خلال الفترة السابقة.
*وفيما يتعلق بالمحاصيل الشتوية فقد ارتفعت من نحو 5,1 مليون فدان إلى 6,5 مليون فدان بزيادة تمثل 27,5% عن مثيلتها في الفترة السابقة.
*أما بالنسبة للمحاصيل الصيفية فقد ارتفعت من نحو 3,5 مليون فدان إلى نحو 5,1 مليون فدان بزيادة تمثل 45,7% عن مثيلتها في الفترة السابقة.
*في حين تراجعت مساحة المحاصيل النيلية من نحو 0,7 مليون فدان إلى نحو 0,6 مليون فدان بنسبة تراجع 19,4% عن مثيلتها في الفترة السابقة.
ويفسر نقص مساحة المحاصيل النيلية إلى الاتجاه إلى زراعة المحاصيل الصيفية نظراً لانخفاض الإنتاجية الفدانية في العروة النيلي مقارنة بنظيرتها في العروة الصيفي.
*أما فيما يتعلق بالمعمرات فقد ارتفعت من نحو 1,7 مليون فدان إلى 2,2 مليون فدان بزيادة قدرها 28% عن الفترة السابقة، وتتركز تلك الزيادة في التوسع في زراعة الحدائق حيث يتلاءم زراعتها في الأراضي الجديدة.
*زيادة مساحة محصول القمح بنسبة 92,8%, الشعير بنسبة 109%, البصل الشتوي بنسبة 178%, بنجر السكر بنسبة 676%, الأرز الصيفي بنسبة 57%, الفول السوداني بنسبة 43%, الثوم بنسبة 113%, الخضر (شتوي) بنسبة 62%, السمسم بنسبة 115%, عباد الشمس بنسبة 171%, الخضر (صيفي) بنسبة 120%, البصل بنسبة 150%, القصب بنسبة 30%, الحدائق التغير في التركيب المحصولي قبل وبعد التحرر الاقتصادي خلال الفترة (2000 – 2016) بنسبة 195%. (المصدر: وزارة الزراعة – الإدارة المركزية للإقتصاد الزراعى والإحصاء).
أثر التحرر الاقتصادي على التجارة الخارجية الزراعية المصرية
يملك قطاع الزراعة العديد من المقومات التي تجعل منه قطاعا رائدا في البنيان الاقتصادي المصري حيث تربطه علاقة تشابكية عامة مع باقي القطاعات فهو المصدر الأساسي للمنتجات النباتية والحيوانية التي تلعب الدور الأساسي في توفير احتياجات المجتمع من الغذاء والكساء.
وجدير بالذكر أن الصادرات الزراعية تعتبر أحد المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي غير أن هناك قصورا في إنتاج بعض المحاصيل مثل: القمح والسكر والزيت ما يدفع الدولة إلى سد العجز من خلال الاستيراد مما يستنزف جزءا من النقد الأجنبي.
ويميل متوسط قيمة الصادرات الزراعية إلى التزايد حيث ارتفع من حوالى 447 مليون جنيه خلال الفترة الأولى (1985/1980) إلى حوالى 929 مليون جنيه خلال الفترة الثانية (1986/1992) إلى نحو 1625 مليون جنيه خلال الفترة الثالثة (1993/2001) ارتفعت إلى 4843 مليون جنيه في الفترة الرابعة (2002/2004) إلى أن بلغ عام 2017 أكثر من مليار جنيه.
أما متوسط قيمة الواردات الزراعية فيميل أيضا إلى التزايد حيث ارتفع من حوالى 1938 مليون جنيه خلال الفترة الأولى إلى حوالى 5242 مليون جنيه خلال الفترة الثانية، وخلال الفترة الثالثة بلغ نحو 10504 مليون جنيه تزايدت في الفترة الرابعة على 10131 مليون جنيه.
كما أن قيمة التجارة الخارجية الزراعية تميل إلى التزايد حيث ارتفعت من حوالى 2384 مليون جنيه كمتوسط للفترة الأولى إلى حوالى 6171 مليون جنيه كمتوسط للفترة الثانية وقد ارتفع إلى نحو 12129 مليون جنيه كمتوسط للفترة الثالثة ثم تزايدت إلى حوالى 44920 مليون جنيه في الفترة الأخيرة.
وفيما يتعلق بـالميزان الزراعي تشير النتائج أنه حقق عجزا بلغ حوالى 1491 مليون جنيه كمتوسط للفترة الأولى ارتفع إلى حوالى 4313 مليون جنيه كمتوسط للفترة الثانية، وبلغ نحو 8879 مليون جنيه كمتوسط للفترة الثالثة، ثم تراجع العجز في الفترة الأخيرة إلى نحو 5288 مليون جنيه، ما يشير إلى تحسن الميزان التجاري الزراعي في السنوات الثلاث الأخيرة.
وأن نسبة تغطية الصادرات للواردات الزراعية تميل إلى الانخفاض، حيث بلغت نحو 24% خلال الفترة الأولى ونحو 18% خلال الفترة الثانية وبانخفاض يقدر بحوالى 6% عن نظيره في الفترة الأولى، كما واصلت انخفاضها خلال الفترة الثالثة إلى نحو 16%، وبانخفاض يقدر بحوالى 2% عن نظيره في الفترة الثانية ثم تزايد هذا المعدل إلى 47% في الفترة الأخيرة مما يشير إلى تحسن الميزان التجاري الزراعي المصري.
أما بخصوص نصيب الفرد من الصادرات الزراعية فقد بلغ نحو 10,2 جنيه خلال الفترة الأولى وفي الفترة الثانية بلغ نحو 18,01 جنيه وخلال الفترة الثالثة بلغ نحو 26,9 جنيه، والفترة الأخيرة بلغ 71,6 جنيه، ما يشير إلى التزايد المستمر في نصيب الفرد من الصادرات الزراعية بمعدل متزايد.
وفيما يتعلق بنصيب الفرد من الواردات الزراعية فقد بلغ نحو 44,3 جنيه خلال الفترة الأولى في حين بلغ نحو 101,8 جنيه خلال الفترة الثانية تزايد إلى نحو 172,9 جنيه خلال الفترة الثالثة ثم تراجع إلى نحو 150,4 جنيها، ما يشير إلى تحسن الميزان الزراعي المصري.
كما يتضح أن الميل المتوسط للتصدير بلغ نحو 0,09 خلال الفترة الأولى تراجع إلى نحو 0,06 خلال الفترة الثانية وخلال الفترة الثالثة تراجع الميل المتوسط للتصدير إلى نحو 0,04 ثم تزايد في الفترة الأخيرة إلى 0,07 مما يشير إلى تحسن العملية التصديرية.
وفيما يتعلق بالميل المتوسط للاستيراد فقد بلغ نحو 0,40 خلال الفترة الأولى تراجع إلى نحو 0,31 في الفترة الثانية ثم تراجع أيضا في الفترة الثالثة إلى نحو 0,24 واستمر التراجع إلى أن بلغ 0,15 في الفترة الأخيرة مما يشير إلى أن تراجع الواردات الزراعية مستمرا. المصدر: (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء – الكتاب الاحصائي السنوي, أعداد متفرقة)، (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، قاعدة بيانات الحاسب الآلى، بيانات غير منشورة).
مما سبق يتبين أن بعض السياسات التي انتهجتها الحكومة كانت لها بعض الآثار الإيجابية في الارتقاء بمعدل الميل للتصدير والتقييد في الميل للاستيراد وتشجيع القطاع الخاص للمشاركة الجادة في الاستثمار في القطاع الزراعي وتهيئة المناخ الملائم اللازم لتحقيق أهداف التنمية الزراعية.
وعلى الرغم من كل ماحققته هذه السياسات الخاصة ببرامج التحرر الاقتصادي في القطاع الزراعي من الناحية الاقتصادية سواء على المستوى الفردي أو المجتمعى أو حتى الوطني إلا أنه كانت هناك بعض الآثار الاجتماعية على الزراع بصفه خاصه وعلى أبناء المجتمع الريفى بصفه عامة وهذا ما سيتم عرضه في الجزء التالي.
ـ الآثار الاجتماعية على قطاع الزراعة: شهد النصف الثاني من القرن العشرين العديد من السياسات الاقتصادية وكان لقطاع الزراعة السبق في تطبيقها، ومنذ بداية الثمانينيات من القرن العشرين دخلت مصر مرحلة الاقتصاد الحر وطبقت سياسات التحرر الاقتصادي من خلال إعطاء مساحة أكبر للقطاع الخاص في المشاركة في الجوانب الاقتصادية والخدمية وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية وبيع شركات القطاع العام (الخصخصة).
وقد تم تطبيق هذه السياسة تدريجيا وشهدت بعض النجاح في السنوات الأولى من تطبيقها انعكس هذا النجاح في ارتفاع الانتاجية الزراعية، وتحسن مستوى أداء بعض الخدمات إلا أنه سرعان ما بدأت تظهر آثارها السلبية والتي تمثلت في:
ـ إرتفاع معدلات البطالة والفقر في المناطق الريفية.
ـ إرتفاع معدلات الجريمة خاصة جرائم السرقة والنصب في الريف.
إن عملية التنمية البشرية لا تقتصرفقط على المتغيرات الاقتصادية فحسب ولكنها تتأثر أيضا بالمتغيرات الاجتماعية والثقافية والتربوية، حيث لا جدوى من الإصلاحات الاقتصادية إذا اختلت القيم الاجتماعية والأخلاقية، وسادت الفوضى وعمت المجتمع سلوكيات الجريمة والفساد وأصبح التسيب التنظيمي والإداري، هو سيد الموقف ولذلك لابد أن يتسع مفهوم التنمية ليشمل كل هذه القيم.
ومن الآثار الاجتماعية السلبية التي صاحبت تطبيق سياسات التحرر الاقتصادي في قطاع الزراعة والتي شملت أهم جوانب الحياة الريفية والمتعلقة بسبل العيش والانتاج، والتي ترتب عليها تغيرات اجتماعية أثرت في التدرج الطبقي الاجتماعي، والأسرة والنظام التعليمى والصحة والبطالة والبيئة والأمن ومنظومة القيم والخدمات والأمن الغذائي والفقر.
1- التدرج الطبقي الاجتماعي: يعتبر الفلاحون في مصر كتلة غير متجانسة فهناك درجة ملحوظة من التمايز الطبقي في الريف المصري ويمكن رصد خمس طبقات اجتماعية بين الفلاحين المصريين هى:
ـ الفلاحون المعدمون: الأجراء الذين لايمتلكون أية أراضي.
ـ فقراء الفلاحين: وهم الحائزون لأقل من فدانين.
ـ صغار الفلاحين: الحائزون لأكثر من فدانين حتى خمسة أفدنة.
ـ متوسطوا الفلاحين: وهم الحائزون لأكثر من خمسة أفدنة حتى عشرين فدانا.
ـ أغنياء الفلاحين: وهم الحائزون لأكثر من 20 فدانا.
ولقد صاحب تنفيذ برامج التحرر الاقتصادي تغير التدرج الطبقي في الريف المصري وذلك بسبب استرداد الملاك لأراضيهم الزراعية من المستأجرين، وإلغاء الدعم على مستلزمات الإنتاج الزراعى وانخفاض مستوى الدخول، الأمر الذي أدى إلى زيادة إفقار الكثير من الريفيين وخاصة من الطبقات الاجتماعية الثلاث الأولى (المعدمون – فقراء الفلاحين – صغار الفلاحين) ولهذا زادت حدة التمايز الطبقي الاجتماعي، ليس على مستوى الريف المصري فقط بل على مستوى المجتمع كله.
وإذا كان أحد أهم أهداف تطبيق قوانين الإصلاح الزراعي في الماضي تضييق الهوة بين الطبقات الاجتماعية في المجتمع الريفي واتساع حجم الطبقة الوسطى في المجتمع فإن قوانين الإصلاح الاقتصادي قد ساعدت على تفكك وتحلل الطبقة الوسطى، حيث أن ما يزيد عن 80% من هذه الطبقة قد هبط إلى الطبقة الدنيا وقليل منهم صعد إلى الطبقات الاجتماعية العليا.
ولاشك أن هذا الخلل في التوزيع الطبقي الاجتماعي في الريف المصري كان له الكثير من الآثار السلبية على بنيان ووظائف المجتمع مثل:
ـ ضعف العلاقات الاجتماعية بين الريفيين.
ـ ضعف روح الانتماء والولاء للحياة الريفية.
ـ زيادة استغلال الطبقات العليا للطبقات الدنيا، وما يرتبط بذلك من زيادة إفقارها وضعفها في مواجهة الطبقات المسيطرة والمستغلة.
ويمكن رصد عدداً من صور الاستغلال من جانب الطبقة المالكة للطبقات العاملة والفقيرة هى:
ـ استغلال طاقات عملهم: فمع كثرة المعروض من العمالة الزراعية في سوق العمل انخفضت أجورهم إلى أدنى مستوياتها وزاد استغلال الملاك لهم.
ـ تمتلك الرأسمالية الزراعية الكثير من الآلات والمعدات الزراعية وتؤجرها لصغار الزراع وفقرائهم بأجور مرتفعة مما يزيد من تكاليف الإنتاج ويؤثر على دخولهم.
ـ يحرم فقراء الريف من زراعة المحاصيل غير التقليدية (خضر – فاكهة- نباتات طبية وعطرية) والتي عادة ما يكون عائدها المادي كبير، حيث يضطرون إلى استغلال ما لديهم من حيازات زراعية قزمية في زراعة المحاصيل التقليدية لتوفير الغذاء لأسرهم والأعلاف لمواشيهم.
ـ في ظل انتشار الواسطة والمحسوبية والرشوة في المجتمع يحرم أبناء فقراء الريف وأصحاب الطبقات الدنيا من فرص التعليم المناسبة أو شغل وظائف الصفوة.
ـ يحرم فقراء الريف وأصحاب الطبقات الدنيا من فرص الإقتراض من مؤسسات التمويل لعدم توفر الضمانات الكافية في حين تكون خزائن البنوك مفتوحة على مصراعيها أمام الملاك والأغنياء.
ـ يدفع فقراء الفلاحين والموظفين البسطاء ما عليهم للدولة من ضرائب وغيرها من المنبع مباشرة فى حين هيأت قوانين التحرر الاقتصادي لأصحاب النفوذ الكثير من المزايا الضريبية والجمركية وعودتهم على أساليب التهرب من التزاماتهم تجاه المجتمع.
2- الأسرة: كان لتطبيق برامج التحرر الاقتصادي العديد من الآثار السلبية على بنيان ووظائف الأسرة في الريف أهمها:
ـ عزوف بعض الشباب عن الزواج في ظل انخفاض مستوى الدخول وارتفاع الأسعار.
ـ تخلي الأسرة أو إهمالها عن القيام بأهم وظائفها وهى التنشئة الاجتماعية حيث انشغل الأب بتوفير متطلبات الأسرة وبالتالي غيابه لساعات طويلة وعدم مراقبته لأبنائه مما يزيد من فرص إنحرافهم.
ـ ضعف العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة خاصة في الريف فبعد تطبيق قانون العلاقة بين المالك والمستأجر في الأرض الزراعية واستلام الملاك لأراضيهم تفرق أفراد الأسرة المؤجرة للبحث عن أعمال أخرى بعد أن كانت الأرض الزراعية هى الرباط القوى بينهم.
3- التعليم والتدريب: إن جموع الخريجين الذين ينضمون إلى طابور البطالة سنوياً ولاسيما خريجي الجامعات والمعاهد العليا بسبب عدم قدرة سوق العمل على استيعابهم من ناحية وتدني مستوى التعليم من ناحية أخرى تقف شاهدة على الآثار السلبية لبرامج التحرر الاقتصادي، فعلى الرغم من جهود الدولة ورفعها لشعار تطوير التعليم منذ فترة طويلة واتخاذها عدة خطوات في هذا الإطار منها:
ـ التوسع في بناء المدارس خاصة في المناطق الريفية المحرومة من خدمات التعليم.
ـ توفير بعض الوسائل التعليمية في المدارس خاصة (الكمبيوتر).
إلا أن جوهر العملية التعليمية لازال في حاجة إلى المزيد من الاهتمام والتطوير الجاد حيث لازال النظام التعليمي قائما على الحفظ والتلقين، ما أدى إلى انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية، التي تمثل المعوق الأكبر لإصلاح التعليم وتزيد من الفوارق الطبقية والعدالة في الحصول على الفرص والنجاح حيث يبلغ ما تتكبده الأسر المصرية بسبب الدروس الخصوصية حوالى 16 مليار جنيه سنوياً.
وكذلك ارتبط بسياسة التحرر الاقتصادي تحرير التعليم ما أدى إلى انتشار المدارس والمعاهد والجامعات الخاصة الأمر الذي أضر بالعملية التعليمية قدر إفادته حيث أن التعليم الخاص هو القادر على دفع المرتبات والأجور العالية، وبذلك سحب الكفاءات من المعلمين وأعضاء هيئات التدريس من مؤسسات التعليم الحكومي مما أضر بها، إضافة إلى أنه يمتلك مقومات التعليم الناجح من معامل وتجهيزات وأعداد قليلة من الطلاب وبالتالي فإن خريج التعليم الخاص يجد فرصاً عديدة للعمل مقارنة بخريج التعليم الحكومي، والذي لا يتناسب مستوى إعداده وتأهيله الأكاديمي مع متطلبات سوق العمل في مرحلة التحرر الاقتصادي.
أما بالنسبة للتدريب فإنه يعاني قصوراً ملحوظاً بسبب:
ـ غياب التنسيق بين أجهزة التعليم ومؤسسات التدريب.
ـ وجود نقص في بعض المهن والوظائف مقابل زيادة في مهن ووظائف أخرى بسبب ارتجالية تقدير وتحديد الاحتياجات التدريبية.
ـ تدني مستوى التقويم والمتابعة للبرامج التدريبية والمدربين والمتدربين على السواء.
ـ قلة المخصصات المالية لتمويل برامج التدريب.
ـ إحجام بعض المتدربين عن الاستمرار في برامج التدريب لعدم توافر الحافز المناسب.
ـ وجود تضارب وازدواجية في مهام التدريب بين مؤسسات القطاع العام ومؤسسات القطاع الخاص.
4- العمل والعمال: يواجه الاقتصاد المصري مشكلة كبيرة تتعلق بقدرته على استيعاب أعداد الخريجين الذين يضخهم النظام التعليمي سنويا إضافة إلى الأعداد التي يتم الاستغناء عنها من بعض شركات قطاع الأعمال العام التي يتم بيعها، وكذلك المضارين من المستأجرين للأراضي الزراعية فقد تضخمت مشكلة البطالة إلى الحد الذي بات ينذر بكارثة بعد أن زادت معدلات الجريمة والانحراف.
5- البيئة: أثرت سياسات التحرر الاقتصادي على البيئة بشكل ملموس خاصة في القطاع الزراعي، فالبيئة هى المجال الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل من على الموارد اللازمة لبقاء نوعه ويمكن رصد هذه التأثيرات فيما يلي:
ـ إن رفع الدولة القيود على حرية الاتجار في مستلزمات الانتاج الزراعي كلية أدى إلى جلب بعض المستلزمات الضارة بالبيئة وغير الصالحة للاستخدام مثل المبيدات الكيماوية الممنوع استخدامها وبالتالي تلوث البيئة.
ـ إرتفاع أسعار بعض المنتجات الزراعية يكون حافزاً للمزارعين لزيادة إنتاجهم لتحقيق دخل أعلى وذلك من خلال الإفراط في استخدام الأسمدة الكيماوية ومخصبات النمو وغيرها من الوسائل التي تلحق الضرر بالبيئة.
ـ يساعد نظام الدورة الزراعية على خصوبة التربة ويقلل من انتشار الآفات الحشرية وقد ارتبط بتطبيق سياسة التحرر الاقتصادي إلغاء الدورة الزراعية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض والآفات وبالتالي زيادة استخدام المبيدات والإضرار بالبيئة.
6- الصحة: لا يمكن إنكار جهود الدولة فى الانفاق على الصحة وقد ظهرت نتائج ذلك فى انخفاض معدلات الوفيات بين الاطفال، وارتفاع متوسط العمر، وزيادة المستشفيات والاطباء والممرضين وغيرها من المؤشرات الدالة على تحسن الرعاية الصحية، ولكن مع تطبيق سياسات التحرر الاقتصادي حدثت “هزة صحية” بعد أن تراجع مفهوم الرعاية الصحية المجانية والتى ارتفع شعارها لسنوات طويلة بعد أن دخلت المستشفيات والخدمات الصحية الاستثمارية من جانب، وتبني مفهوم العلاج الاقتصادي فى المستشفيات الحكومية من جانب آخر.
ويشير تقرير التنمية البشرية الصادر عام 2016 إلى أن مصر قد زادت من إنفاقها على الصحة العامة منذ عام 2000 من نسبة تقل عن 4% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 6%، وهو مستوى يماثل نظيره لدى بعض من البلدان ذات الظروف الاجتماعية والاقتصادية المشابهة، كما أن مصر لديها نسبة من الأطباء لكل 10 آلاف نسمة تبلغ 5,4 وهى أكبر مما لدى بعض الدول النامية بما فيها البلدان التي حققت أوضاعا صحية أفضل للسكان مثل سريلانكا وكوستاريكا.
ويشير التقرير إلى أن المناطق الريفية في صعيد مصر تشهد أقل تقدم في تحسين أحوال الصحة العامة، فالمناطق الريفية بها أعلى نسبة لوفيات الأطفال، حيث بلغ معدل وفيات الرضع عام (2016) 50 حالة وفاة لكل ألف نسمة بين الـ33% الأفقر بين السكان، في حين بلغت النسبة 25,6 في الأف بين الـ20% الأغنى من السكان، بينما يبلغ المتوسط العام على المستوى الوطني 43,7 حالة وفاة للرضع من سن 12 شهرا أو أقل لكل ألف مولود حى.
7-الأمن: لقد أدى تطبيق سياسات التحرر إلى تزايد أعداد المتعطلين والباحثين عن عمل وزيادة الفوارق الطبقية والاحساس بالظلم وضعف الانتماء للمجتمع وضعف وسائل الضبط الاجتماعى خاصة من جانب الاسرة والتى ينشغل عائلها بالبحث عن عمل اضافى لتوفير متطلبات اسرتة المادية.
ولعل من اهم اوجه صور زعزعة الامن ماحدث من مقاومة المستاجرين الصغار والفقراء لقانون العلاقة بين المالك والمستاجر، وذلك من خلال ارسال العديد من الشكاوى والاحتجاجات الى كافة المؤسسات التشريعية والتنفيذية والاعلامية والمواجهة بين المستاجرين وقوات الشرطة فى كثير من القري المصرية.
8- الأمن الغذائي: المقصود بمفهوم الأمن الغذائي توافر وامكانية الحصول على الغذاء الصحي والكافى لجميع الافراد وفى كل الاوقات. وينطوي هذا التعريف على ثلاثة عناصر أساسية هى: توافر الغذاء، والامكانية، والاستقرار، والواقع أن العنصر الأول (التوافر) قد تأثر ايجابيا بالمتغيرات الحادثة حيث أدت زيادة أسعار السلع الزراعية فى إطار عملية الاصلاح وتحرير الزراعة إلى تحفيز المزراعين نحو التوسع فى الانتاج، وفيما يتعلق بالعنصر الثانى وهو (الامكانية) حصول الأفراد على احتياجاتهم من الغذاء فيتحدد فى ضوء علاقة أسعار الغذاء بمستويات الدخول وتوزيعها، وقد كان لسياسة التحرر أثر سلبي على ذلك العنصر حيث أن زيادة أسعار الغذاء أثرت بالسلب على قطاع عريض من السكان وأصحاب الدخول المنخفضة.
أما العنصر الثالث وهو (الاستقرار) فقد تأثر هو أيضا بشكل سلبي بسبب ما تنطوي علية سياسات التحرر والمتغيرات العالمية من زيادة التقلبات فى أسواق الغذاء، وبالتالى تصبح القاعدة العريضة من السكان ذوى الدخول المنخفضة غير آمنين على غذائهم بسبب التقلب المستمر فى الأسعار.
9- الفقر: من التعريفات الشاملة للفقر أنه “حرمان الفرد من حقوقه الأساسية والمشروعة” وهى حقه في امتلاك واستخدام الموارد الطبيعية واستثمارها والحصول على مكانة اجتماعية متواضعة والتمتع بحقوق المشاركة السياسية وحقه في اتخاذ القرار والحصول على خدمات صحية وتعليمية ومعلوماتية ومعرفية واتصالية وكذلك حقه في الاستهلاك الغذائي والكسائي والمعيشي بصفة عامة.
لقد ساعدت التغيرات التشريعية والمؤسسية فى قطاع الزراعة على انتاج التمايزات الاجتماعية فى الريف المصرى وخفض الاجور ومستوى المعيشة لبعض الفئات، ما زاد من افقارها فقد أدت هذه السياسات إلى ارتفاع حاد فى مدخلات الانتاج الزراعى ما يزيد من تكاليف الانتاج. بل حدث وحقق المزارعون خسائر كبيرة فى بعض المناطق والتى حدث فيها انتكاسات وبالتالى ساعد تحرير قطاع الزراعة على زيادة افقار الفئات الفقيرة فى الريف المصرى.
ومن جهة أخرى فإن رفع أسعار الفائدة على القروض الزراعية أدت الى معاناة الفلاحين الصغار والفقراء، فزادت حالات العجز عن السداد ووقف التعامل مع البنك والتهديد بالحجز على الارض.
كما تتعرض الطبقات الكادحة فى الريف للآثار الحادة الناتجة عن تحرير الزراعة، حيث أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات يؤدى إلى استنزاف الكادحين وإفقارهم, وخفض انفقاهم على الاحتياجات الاساسية من غذاء وكساء وصحة وتعليم وترفيه، و قد شهدت الأسعار ارتفاعا ملحوظا مع تدهور الأجور الحقيقية لعمال الزراعة.
10- البطالة: تعتبر الثروة البشرية ممثلة فى قوة العمل أغلى ما يملك المجتمع وهم عماد التنمية ولو نجح المجتمع – أى مجتمع – فى استغلالها بكفاءة وبشكل أفضل لتحولت الى قوة منتجة وطاقة مؤثرة فى تحقيق الرخاء وعلى هذا يتحدد الانتعاش الاقتصادى بمدى القدرة على تشغيل السواعد وتحريك العقول، ومن ثم لا يمكن تعليق اى فشل فى خطط التنمية او تدهور الاقتصاد الوطنى على زيادة عدد السكان ولكن فى قصورنا وعدم تمكن النظام من تحويل هؤلاء السكان الى قوة منتجة.
ويمكن القول أن تطبيق برامج التحرر الاقتصادى والتكيف الهيكلى وعدم فاعلية التدريب المهنى فى توفير العمالة الفنية اللازمة او برامج التدريب التحويلى أدى ذلك كله إلى ارتفاع معدلات البطالة يصفة عامة في المجتمع وخاصة بين أبناء المجتمع الريفي بصفه خاصة، ما أدى إلى استسلام كثير من الشباب للظروف وتسلل الشعور بالياس والاحباط لهم.
ولم يتوقف الامر عند مشكلة البطالة فحسب بل انها اصبحت بمثابة مفرخ نشط للعديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الى تواجة المجتمع كله.
ومع نهاية القرن العشرين شهدت الزراعة المصرية ظهور البطالة باشكالها المختلفة سواء المقنعة او الموسمية الامر الذى اصبح يمثل عبئا على المجتمع الريفى والوطني، وتنذر بتفجر مشكلات عديدة.
ونظراً لظهور هذه الآثار الاجتماعية السلبية لبرامج التحرر الاقتصادي على القطاع الزراعي، كان لابد لجهات عديدة سواء كانت حكومية رسمية أو أهلية أن تعمل على تخفيف حدة هذه الآثار على الفئات التي تأثرت من هذه البرامج خاصة المعدمين، والفقراء، وصغار المنتجين الزراعيين من أبناء المجتمع الريفي، ومن بين هذه الجهات يبرز دور منظمات المجتمع المدني التى يمكن لها أن تسعى للتخفيف من هذه الآثار.
ثالثاً: رؤية مستقبلية
إن السياسات والاجراءات الاصلاحية التي أخذت الحكومة على عاتقها واتباعها بهدف قصر دورها في نهاية الأمر وبشكل تدريجى على تهيئة الإطار العام للمناخ المنافس، والبيئة المواتية والمشجعة لجذب الاستثمارات وتدعيم البنية التحتية والخدمات الزراعية المساندة في مجالات البحث والإرشاد ونشر وتبني التقنيات الحديثة وتوفير المعلومات وتحرير المواصفات وضبط ورقابة السلوك والأداء السوقي التنافسي لمنع – أو الحد – من الظواهر السلبية والضارة كالغش والاحتكار والإغراق.
ولما كان الجيل الحالي من برامج التحرر الاقتصادي والتكيف الهيكلي في إطار قطاع الزراعة ليس نهاية المطاف والاصلاحات ستظل مطلوبة ومتجددة لتتواءم مع ما يستجد من متغيرات تتمثل في منظمة التجارة العالمية وغيرها، وما سيترتب عليها من مستجدات بعد ذلك كان لزاما على الدولة أن تضع لنفسها توجهات مستقبلية للتنمية الزراعية حتى عام 2017 بهدف الارتقاء بقطاع الزراعة باعتباره قاطرة التنمية لكافة قطاعات الاقتصاد الوطني، وكذلك الاهتمام بأبناء المجتمع الريفي اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وحضاريا باعتبارهم صانعي التنمية ومتلقين لانجازاتها ومن أهم ملامح التوجهات المستقبلية للتنمية الزراعية حتى عام 2017 ما يلي:
ـ اعطاء المزيد من الجهود لأجهزة البحث العلمى الزراعى لتوليد فيض مستمر من نتائج البحوث التطبيقية وفقا لأحدث الاساليب التكنولوجية للاراضى القديمة والجديدة.
ـ تطوير برامج الإرشاد الزراعى وربط البحوث بالارشاد ونقل التكنولوجيا فى الاراضى القديمة والجديدة على السواء مع دعم المشروعات التى تقدم الخدمات الارشادية لزراع الاراضى الجديدة والاهتمام بالدور الارشادى لقطاع الزراعة فى ظل ظروف التحرر الاقتصادى وآليات السوق على ان يواكب ذلك قيام اجهزة البحوث والارشاد بدراسة النظم المزرعية فى المناطق الجديدة والاهتمام بتدريب الكوادر البحثية والارشادية اللازمة للعمل فى تلك المناطق على ضوء ماتسفر عنه نتائج دراسات النظام المزرعى لكل منطقة.
ـ التوسع فى دائرة مجالات أنشطة العمل الإرشادى الزراعى لتشتمل الى جانب الانتاج الزراعى مجالات الإرشاد التسويقى الزراعى، الإرشاد الزراعى النسائى، الإرشاد الزراعى الموجه للشباب، الثقافة السكانية، حماية البيئة والمحافظة على الموارد المائية وترشيد استخدامها بالاضافة الى الاقتصاد المنزلى والتغذية.
ـ الاستمرار فى بذل المزيد من الجهود لتطوير قاعدة البيانات والمعلومات الاحصائية الدقيقة والحديثة والمستمرة والتفصيلية والشاملة التى تقدمها وزارة الزراعة لجموع المنتجين والمسوقين والمصدرين وتتضمن مختلف بيانات الانتاج وحركة الاسعار والصادرات والواردات والاستهلاك على المستوى الدولى والاقليمى، بما يخدم أهداف المنتجين الاقتصادية فى ظل التركيب المحصولى التأشيرى الذى حل محل التركيب المحصولى الاجبارى وبما يخدم أهداف تطوير نظم التسويق الزراعى وزيادة الصادرات الزراعية والقدرة على المنافسة فى إطار اتفاقيات منظمة التجارة العالمية الجديدة والتكتلات الاقتصادية الدولية.
ـ ترشيد استخدامات مياه الرى ومايتضمنه ذلك من تبنى برامج الارشاد المائى وعدم التوسع فى زراعة قصب السكر مع التوسع فى زراعة بنجر السكر لانتاج السكر وايضا عدم التوسع فى زراعة الارز والاستفادة من علوم البيوتكنولوجى والهندسة الوراثية فى استنباط اصناف قصيرة العمر وتحتاج الى كميات مياه أقل وتتحمل الملوحة والتوسع فى تجارب ادارة المياه داخل الحقل وتسوية الاراضى بالليزر بما يوفر المياه.
ـ الاستمرار فى تقليل استخدام الاسمدة الكيماوية والمبيدات والاعتماد على برامج المكافحة البيولوجية المتكاملة بما يقلل تكاليف الانتاج واستخدام المصائد والفرمونات لتحسين الجودة وزيادة القدرة على المنافسة العالمية والتصدير فى ظل سياسات منظمة التجارة العالمية من جهة والمحافظة على البيئة من التلوث من جهة اخرى.
ـ توفير التقاوى للاصناف والهجن مع الاشراف على اكثار التقاوى المسجلة والمعتمدة للمحافظة على نقاوة الاصناف وثبات صفاتها الوراثية، والعمل على استكمال الطاقة اللازمة لاعداد تقاوى المحاصيل الرئيسية كالقمح والارز بانشاء محطات (مراكز غربلة واعداد).
ـ اعادة النظر فى التشريعات الزراعية الخاصة بالتقاوى لتتمشى مع الاتجاه الجديد بدخول القطاع الخاص فى عملية انتاج التقاوى.
ـ الاهتمام بـالتنمية الريفية المتكاملة التى تكفل تهيئة الظروف الى تحسين مستوى معيشة الريفيين وزيادة قدرتهم الذاتية على المشاركة فى عملية التنمية الزراعية مع تطوير ودعم المؤسسات الريفية لتقوم بدور فعال فى التنمية الريفية.
ـ الاهتمام بدعم أنشطة المرأة الريفية فى التنمية الزراعية، وذلك من خلال العمل على زيادة مشاركتها فى التنمية الزراعية لزيادة الدخل ورفع المستوى المعيشى لأسرتها من خلال تنميتها وتدريبها، وتوسيع أفق ونطاق المعارف والمعلومات والمهارات إعتماداً على وسائل وأساليب محو الأمية والإتصال والتدريب، وتقديم التوعية والبرامج الإرشادية فى مختلف مجالات عمل المرأة الريفية، وتثقيف طفل القرية المتسرب من التعليم ثقافة بيئية زراعية صحية للإرتقاء بالمستوى الصحى والثقافى له.
ـ العمل على زيادة حجم الانتاج الوطنى من الحبوب لتحسين نسبة الاكتفاء الذاتى وذلك بالتوسع فى استخدام سلالات القمح الجديدة التى تم استنباطها والتى تتميز بمضاعفة عدد الحبات فى السنبلة الواحدة مع استمرار برامج تنمية زراعة الارز.
ـ العمل على زيادة انتاجية القطن وتطوير أصنافه المزروعة وفى مقدمتها الأصناف فائقة الطول مثل جيزة 45 وجيزة 88 والأصناف الطويلة مثل جيزة 86 والتي تتميز بجودة الانتاج والصفات الغزلية والتبكير فى النضج. أيضا للحفاظ على مكانة القطن المصرى فى الاسواق العالمية وفتح أسواق جديدة له وتوفير احتياجات المصانع المحلية والتوسع فى استخدام البذرة بدون زغب مما يوفر كميات من البذرة لانتاج الزيت والعلف.
ـ العمل على تطوير المحالج والمغازل (مصانع الغزل والنسيج) الخاصة بـالقطن لتقليل فاقد النواتج من محصول القطن بحيث يمكن الحصول على منتج نهائي عالي الجودة.
ـ تطوير حجم انتاج الخضر والفاكهة مع تطوير أنشطة التسويق والتصنيع والتصدير حماية لاقتصاديات المنتجين من انخفاض الأسعار.
ـ العمل على زيادة انتاج البروتين الحيوانى من مصادره المتنوعة مع مراعاة الميزة الاقتصادية النسبية لكل نشاط من أنشطة الانتاج الحيوانى وربط التوسع فيها بالانشطة الزراعية الاخرى والتركيب المحصولى الامثل ومدى الفاعلية الاقتصادية لشغل الحيز الزراعى المتاح والمنافسة الاقتصادية بين هذه الحاصلات الزراعية سواء كانت حيوانية او نباتية والعمل على انتاج القدر الاكبر من مستلزمات الانتاج وبالتالى ايجاد الربط بين قطاع الانتاج الحيوانى وبين الموارد الزراعية ككل.
ـ قصر دور الدولة فى مجال التنمية الحيوانية والداجنة على الدور البحثى والإرشادى والخدمى والتنظيمى والرقابى والتشريعى والعمل على خصخصة الأنشطة الداجنة والحيوانية التابعة للقطاع الحكومى والعام وتشجيع القطاع الخاص على الإستثمار فى هذه الأنشطة.
ـ تنمية إنتاج اللحوم الحمراء بتطوير مشروع تربية البتلو فى صيغة جديدة توجه إلى صغار المربين بشكل أساسى لتمكينهم من تربية حيواناتهم الصغيرة إلى اوزان اقتصادية تسهم فى زيادة حجم المعروض من اللحوم فى السوق المحلى مع العمل على رفع إنتاجية القطعان المحلية من الجاموس والأبقار والأغنام بإستخدام أساليب التربية والتحسين الوراثى والتركيز على المجترات الصغيرة وإدخال العجول البقرى فى برامج الإنتاج المكثف.
ـ تنمية الإنتاج الداجنى بتشجيع القطاع الخاص على إقامة مشروعات البنية الأساسية وإعطاء الآولوية لإنتاج الجزء الأكبر من مدخلات الإنتاج محلياً للسيطرة على أسعار التكلفة وتنظيم العملية التسويقية لإيجاد التوازن فى أسعار البيع، وعمل قاعدة معلومات داجنية لتقديم العون والخبرة فى البيانات لسياسات التسويق والإنتاج.
ـ تنمية إنتاج الألبان بتشجيع المشروعات التجارية الكبيرة لإنتاج الحليب من خلال التشريعات والعمل على تطوير صناعة الحليب ومنتجاته بحيث يتم الإستفادة من جميع المكونات وتشجيع القطاع الخاص على إنشاء مراكز تجميع وتبريد الألبان وكذلك التصنيع الريفى.
ـ تنمية إنتاج المواد العلفية والرقابة على الجودة بزيادة إنتاج الأعلاف الخضراء رأسياً من نفس المساحة المحصولية وزيادة إنتاج الذرة البيضاء والصفراء وتكثيف الجهود البحثية والفنية الخاصة بـصناعة العلف الحيوانى لتوفير الخامات وبدائلها والرقابة على الجودة.
ـ العمل على الإكتفاء الذاتى من الأمصال واللقاحات والإتجاه ايضاً إلى تصديرها وتشجيع القطاع الخاص على الإستثمار فى هذا المجال وإدخال التقنيات المتقدمة فى إنتاج اللقاحات وخصوصاً الفيروسية مع إنتاج كافة لقاحات الدواجن محلياً من خلال إنتاج البيض الخالى من المسببات المرضية وإحكام الرقابة على الجودة.
ـ تطوير وتحديث الخدمات البيطرية بما يكفل حماية الثروة الحيوانية من الأمراض المتوطنة والوافدة ومكافحة الأمراض الوبائية والمعدية لحماية المواطن المصرى من الأمراض المشتركة.
ـ رفع الكفاءة التناسلية للماشية المصرية بالتوسع فى إستخدام التلقيح الصناعى والطلائق ذات الإنتاجيه العالية .
ـ تطوير وظيفة الإرشاد البيطرى وتعميم الخدمات الإرشادية فى هذا المجال والعمل على الإرتقاء بمستوى العاملين بالحقل البيطرى.
ـ زيادة الإنتاج السمكى والتبادل التجارى من خلال تطوير وتنمية المصادر الطبيعية الداخلية وتطوير وتنمية مشروعات الاستزراع السمكى والعمل على انجاح اتفاقيات الصيد المشترك فى المياه الاقليمية مع الدول الشقيقة المجاورة، والخروج بها الى حيز التنفيذ لتزيد إمكانيات الصيد أمام السفن المصرية الكبيرة التى تم بناؤها بالاستثمارات الذاتية للقطاع الخاص والعمل على زيادة صادراتنا من الأسماك عالية القيمة النقدية.
ـ تشجيع قيام إتحادات للمنتجين لزيادة كفاءة وتوقيت أداء خدمات الإنتاج الزراعى بشقيه لأعضائها وتحقيق كفاءة وسرعة انجاز العمليات والخدمات التسويقية المختلفة.
ـ اعادة النظر فى قانون التعاون الزراعى من اجل اعطاء التعاونيات الزراعية المزيد من المسئوليات فى اطار تحرير الزراعة المصرية ضمانا لحقوق أعضائها من المزارعين وتنمية انتاجهم وخلق المنافسة الصحيحة بين مختلف القطاعات الانتاجية والخدمية فى مجال تسويق مستلزمات الإنتاج الزراعى ويتزايد دور التعاونيات والقطاع الخاص فى هذا المجال.
ـ توطيد علاقات التعاون الزراعى بين الدول العربية والافريقية ودول حوض النيل وتنفيذ المشروعات الزراعية المشتركة فى مجالات الانتاج النباتى والحيوانى والسمكى مما يساعد على إزدهار وتقدم القطاع الزراعى .
ـ تدعيم موارد صندوق موازنة أسعار الحاصلات الزراعية تمشياً مع سياسة تحرير اسعار وتسويق المحاصيل الزراعية لضمان تطبيق اسعار الضمان الاختيارية للمحاصيل الزراعية الاستراتيجية كالقمح والقطن والذرة.
ـ اتخاذ اجراءات إقرار نظام التكافل الزراعى لحماية انتاج ودخول المزارعين من أخطار الكوارث الطبيعية الخارجة عن ارادتهم فى اطار اختيارى وفى ظل مبادىء الشريعة الاسلامية.
ـ الاستمرار فى الاهتمام بمشروعات تحسين وصيانة الأراضى الزراعية ضعيفة الانتاجية مع التنسيق بين برامج التحسين واعادة الخصوبة للاراضى الزراعية ومشروعات الصرف المغطى.
ـ الاستمرار فى تنفيذ برامج استصلاح الأراضى الجديدة بما يؤدي إلى إدخال مساحات جديدة للإستصلاح تتركز فى محافظات جنوب الصعيد.
ـ تنشيط مساهمة القطاع الخاص والجمعيات التعاونية فى برامج استصلاح الأراضى على أن تتولى الدولة تنفيذ مشروعات البنية الأساسية، ويقوم القطاع الخاص ممثلاً فى الأفراد والجمعيات والشركات بأعمال الاستصلاح الداخلى، وتتفرغ الدولة للأعمال التى يصعب على القطاع الخاص القيام بها.
ـ التركيز كلما أمكن على المناطق التى لاتحتاج إلى رفع كبير لـمياه الرى لتوفير الطاقة كمناطق الساحل الشمالى ووسط وشرق الدلتا وايضاً التركيز على استصلاح الأراضى التى تروى بـالمياه الجوفية، كما فى الفرافرة والواحات البحرية وجنوب الوادى الجديد وبعض مناطق الدلتا ومصر العليا، وذلك بعد عمل الدراسات الفنية اللازمة لتقييم الخزان الجوفى بكل منطقة.
*مُعد التقرير: باحث فى شؤون الزراعة والفلاحين ورئيس تحرير موقع “الفلاح اليوم”.
مقال و دراسة رائعة بارك الله فيك يا دكتور واستأذن سيادتكم في اقتباس بعض الجمل لاستخدامها في موضوع رسالتي